أعلنت دراسة علمية حديثة عن تطوير لقاح تجريبي مبتكر يوفر حماية شاملة ضد جميع سلالات فيروس إنفلونزا الطيور من النوع A(H5)، بما في ذلك السلالات المستقبلية التي لم تظهر بعد. ويتمتع اللقاح بإمكانية إعطائه بجرعة واحدة فقط، مما يمنحه ميزة وقائية مهمة ضد احتمال حدوث جائحة مستقبلية. وتواجه الاستراتيجيات الحالية صعوبات في إنتاج لقاحات لكل سلالة على حدة، وهي عملية بطيئة وتعرض السكان لمخاطر في المراحل المبكرة من تفشي الفيروس. لذا تسعى النتائج إلى فتح آفاق جديدة لإطار وقائي أقوى وأوسع نطاقاً.
تصميم مركزي للمكوّن المستضدي
قاد فريق من المركز الطبي لجامعة إيراسموس في هولندا الدكتورة ماتيلد روشارد لتطوير نهج يركّز على تصميم مستضد مركزي يغطي سلالات A(H5). بدأ الفريق بإنشاء خريطة ثلاثية الأبعاد عالية الدقة توضّح كيف تغيّر بروتين الهيماغلوتينين HA عبر العقود، وهو البروتين السطحي الأساسي لفيروس الإنفلونزا والمسؤول عن دخول الخلية. سمحت هذه الخريطة بتتبّع تاريخ وتنوّع السلالات بدقة عالية، فتم توظيفها في تقصّي الخصائص المشتركة بين السلالات. وبناءً عليها صُمّم بروتين HA مركزيّاً مستضديّاً يمثل هذه الخصائص بما يجعل الجهاز المناعي يتعرّف عليه بشكل واسع.
يهدف التصميم إلى تحفيز إنتاج أجسام مضادّة واسعة النطاق قادرة على مواجهة السلالات الحالية والمتوقّعة في المستقبل، بما يمنح حماية أوسع من النهج التقليدي. وأظهرت نتائج المختبرات الحيوانية أن اللقاح يوفر حماية قوية ضد سلالات متعددة من A(H5)، بل وأثبت فاعلية ضد فيروسين مختلفين عن مكوّنات اللقاح نفسه، وهو ما يشير إلى نطاق حماية موسّع واستجابة مناعية قوية. وتُشير هذه النتائج إلى إمكانية تصميم لقاحات A(H5) مركزيّة باستخدام الرسم المستضدي، وهو ما يعدّ خطوة مهمة في تطوير لقاح أكثر شمولاً.
تجارب ما قبل السريرية وآفاق التطبيق
أجرى الباحثون اختبارات حيوانية على نمس، وهو النموذج الأكثر استخداماً في دراسات الإنفلونزا. أظهرت النتائج حماية قوية ضد سلالات متعددة من A(H5)، كما أظهرت فاعلية ضد فيروسين مختلفين عن مكوّنات اللقاح نفسه، وهو ما يشير إلى نطاق حماية موسع واستجابة مناعية قوية. ووصف العلماء هذه النتائج بأنها دليل عملي على إمكانية تصميم لقاحات A(H5) مركزيّة باستخدام رسم الخرائط المستضدية. ويمكن تطبيق هذا النهج على أنواع أخرى من فيروسات الإنفلونزا الحيوانية.
غير أن العمل لا يزال في مراحله التجريبية، ويستلزم إجراء تجارب سريرية على البشر لتقييم السلامة والفعالية قبل التوصل إلى تطبيق واسع. وإذا أُثبت نجاحه في التجارب اللاحقة، فقد يفتح هذا اللقاح باباً لجيل جديد من اللقاحات الشاملة القادرة على التصدي لأخطر تهديدات الإنفلونزا في المستقبل. يواصل الفريق العمل حالياً على تعزيز الاستعدادات البحثية ونقل النتائج إلى اختبارات أكثر تقدمًا لضمان جدوى الانتشار الآمن.


