يواجه كثير من الناس ظاهرة التسويف وتراكم الأعمال المؤجلة كأنها عادة بسيطة، لكنها في الحقيقة تعكس ضيقاً عاطفياً أكثر من كونه مجرد تأجيل. يوضح الدكتور نيلش تيوري أن التسويف يوفر راحة عاطفية مؤقتة، لكن القلق يزداد عند اقتراب الموعد وتزداد معه مشاعر التوتر والذنب واللوم الذاتي. يوضح أن المبالغة في الكمالية أو انخفاض الثقة بالنفس يخلقان دوامة من المماطلة؛ إذ يخترع الشخص معايير عالية لا يمكن تحقيقها، فيفضل البدء في تأجيل المهمة أصلاً. يؤدي ذلك إلى دعمٍ مستمر للضغط العاطفي والتوتر، مع تأثير سلبي طويل المدى على الأداء والصحة النفسية.

أسباب التسويف والقلق

يوضح الطبيب أن المحفزات الخفية مثل القلق والخوف من الفشل أو من النجاح وشعور الشك بالنفس تختبئ وراء المماطلة. يشرح أن القلق يجعل المهام الصغيرة تبدو مهددة، فيدفع الدماغ إلى تأجيل البدء خوفاً من الفشل. يوضح أن الأشخاص ذوي الكمالية العالية أو من لديهم انخفاض تقدير الذات يميلون إلى وضع معايير عالية لا يمكن تحقيقها، فيفضلون عدم البدء أصلاً. كما يشير العلاج المعرفي السلوكي إلى تقسيم المهمة إلى أجزاء بسيطة والبدء بخطوات صغيرة كما لو كانت القراءة لفقرة واحدة أو فتح ملف فقط.

القلق وتأثيره الجسدي

يؤكد الكاتب أن القلق يجعل التأخر عن المهام يفاقم المعاناة ويؤثر في الصحة النفسية، فالتأخر المستمر يضغط على الجسم ويؤثر في النوم والمناعة. يوضح أن زيادة استجابة التوتر تؤدي إلى ارتفاع الكورتيزول وتدهور الطاقة العامة، ما ينعكس على المزاج والانتباه. يضيف أن هذه الحلقة المتواصلة قد ترتبط بمشكلات أقوى مثل اضطرابات القلق أو الاكتئاب واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط في بعض الحالات.

كيف نتخطى المشكلة عملياً

ينصح الطبيب بأن يصبح التسويف عادة قابلة للعلاج من خلال فهم المشاعر المسببة مثل الخوف والخجل والشك في الذات ومعالجتها بالعلاج النفسي وبالتعاطف مع النفس. يرى أن العلاج السلوكي المعرفي يساعد في تقسيم المهمة إلى خطوات صغيرة ويبدأ بخطوة بسيطة مثل فتح ملف وكتابة عنوان فرعي صغير ثم قراءة فقرة واحدة، وهكذا يهدف إلى البدء لا الانتهاء. يشدد على أن الهدف الأول هو البدء ثم الاستمرار بثقة وبناء عادات إنتاجية تدريجية، دون فرض إنتاجية قسرية طوال الوقت.

شاركها.
اترك تعليقاً