طور باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا نهجاً ثورياً يجمع بين قوة الذكاء الاصطناعي وعبقرية الرؤية الحاسوبية الكلاسيكية، ليتيح لروبوتات الإنقاذ بناء خرائط ثلاثية الأبعاد دقيقة لبيئات غير متوقعة خلال ثوانٍ معدودة.
واجهت الروبوتات في بيئات الكوارث تحدياً حاسماً في التوطين والرسم المتزامن للخرائط، وهو أمر يتطلب معالجة آلاف الصور الملتقطة أثناء سرعة حركتها لتحديد مواقع العمال المحاصرين وتشكيل صورة دقيقة للمشهد.
أشار دومينيك ماجيو، طالب الدراسات العليا والمؤلف الرئيسي للورقة، إلى أن أفضل النماذج السابقة لا تستطيع معالجة سوى عدد محدود من الصور في كل مرة، وهو قيد يجعلها غير قابلة للتطبيق في التطبيقات الواقعية حيث السرعة شرط أساسي للبقاء. ولتجاوزه طور النظام آلية تقضي بإنشاء خرائط فرعية للمشهد بشكل تدريجي ثم ربطها معاً لإعادة بناء خريطة ثلاثية الأبعاد كاملة مع تقدير موضع الروبوت في الوقت الفعلي.
رغم أن النموذج ما زال يعالج بضعة صور في كل مرة، فإن دمج الخرائط الفرعية يتيح إعادة بناء مشاهد أوسع بسرعة هائلة.
كانت المفاجأة أن الحل البسيط بدا ظاهرياً، لكنه واجه في البداية تحديات بسبب أخطاء في معالجة نماذج التعلم الآلي للصور، فأدت إلى تشوّهات في الخرائط الفرعية كظهور جدران منحنية قليلاً مما صعّب محاذاتها بالطرق التقليدية.
استلهم ماجيو من أبحاث الرؤية الحاسوبية التي تعود إلى الثمانينيات والتسعينيات، ومن خلال دمج تقنية رياضية أكثر مرونة أصبح بالإمكان تمثيل جميع التشوهات في الخرائط الفرعية ومعالجتها، وهذا ضمن محاذاة دقيقة ومتسقة.
يعلق لوكا كارلون، الأستاذ المشارك والمؤلف الرئيسي للورقة، قائلاً: «بمجرد أن امتلك دومينيك الحدس اللازم للربط بين هذين العالمين – مناهج التعلم وطرق التحسين التقليدية – كان التنفيذ سهلاً ومباشراً».
التوظيف العملي
أظهر النظام الجديد سرعة فائقة مع أخطاء إعادة بناء ضئيلة، فقد نجح الباحثون في إنتاج عمليات إعادة بناء ثلاثية الأبعاد في وقت قريب من الوقت الفعلي لمشاهد معقدة، مثل داخل كنيسة MIT، باستخدام مقاطع فيديو قصيرة ملتقطة بهاتف محمول، وبمتوسط خطأ أقل من 5 سنتيمترات.
هذا النهج لا يتطلب كاميرات معايرة مسبقاً أو وجود خبير لضبط التنفيذ، مما يجعله قابلاً للتوسع في تطبيقات عملية واسعة، منها تمكين الروبوتات الصناعية من تحديد مواقع البضائع ونقلها بسرعة، وتطوير أجهزة قابلة للارتداء مثل سماعات الواقع الافتراضي، وتزويد الروبوتات بملاحة في البيئات الخطرة وغير المتوقعة كالمناجم والمبانِي المنهارة.


