توضح الأدلة الطبية أن فكرة وجود حساسية شاملة للنشويات ليست دقيقة في الواقع. تعود معظم الحالات التي يربط الناس بينها بالحساسية إلى رد فعل مناعي على بروتينات محددة في بعض أنواع الأغذية النشوية مثل القمح والذرة والبطاطس، لا للنشا نفسه. تجدر الإشارة إلى أن الكربوهيدرات بحد ذاتها لا تثير عادة جهاز المناعة ولا تتسبب في استجابة تحسسية موثوقة. كما أن استجابة الأعراض تختلف باختلاف النوع ومكوناته في الوجبة، ما يجعل الصورة أكثر تعقيداً من مجرد نشويات.
الحساسية الحقيقية مقابل النشويات
تتغير الأعراض من يوم لآخر في بعض الحالات بسبب ما يعرف بمتلازمة تنشيط الخلايا البدينة (MCAS)، حيث تفرز الخلايا عناصر التهابية بشكل غير منتظم دون سبب واضح. هذه الحالة قد تشبه الحساسية وتؤدي إلى حكة وتورم وضيق في التنفس في حالات شديدة، لكنها تختلف في آلية التحفيز وتوقيتها عن الحساسية التقليدية. لذلك من المهم إجراء تشخيص دقيق لتحديد السبب الحقيقي وراء الأعراض. يحدد الاختصاصي العلاج المناسب بناء على التشخيص الصحيح.
لماذا ليست كل النشويات مستهدفة؟
من الناحية البيولوجية تتكون النشويات من مجموعة مصادر متعددة مثل القمح والذرة والبطاطس والبقوليات، وتختلف البروتينات المسببة للحساسية من طعام لآخر. لذلك من غير المحتمل أن يتطور جسم الإنسان استجابة تحسسية شاملة للنشويات كلها في آن واحد. فمثلاً قد يعاني شخص من حساسية القمح لكن لا تظهر لديه أعراض عند تناول الأرز أو البطاطا بسبب اختلاف بنية البروتينات. هذه الحقيقة تشرح التفاوت الملحوظ في الاستجابة من طعام لآخر.
التأثير الغذائي لاستبعاد النشويات
قد يلجأ بعض الأشخاص لاستبعاد جميع النشويات بهدف تفادي الأعراض، لكن هذا الخيار يحمل مخاطر حقيقية على الصحة. النشويات ليست مجرد مصدر طاقة بل تحتوي على فيتامينات ومعادن مهمة، فالحبوب الكاملة تزود الجسم بالفيتامينات ب، بينما تسهم البطاطا الحلوة بفيتامين أ، وتوجد معادن مثل الزنك والمغنيسيوم في العدس والأرز البني. حرمان الجسم من هذه العناصر قد يؤدي إلى إرهاق وضعف مناعي وضعف في التركيز على المدى الطويل.
متى تستدعي الاستشارة الطبية؟
إذا تكررت أعراض التحسس مع أنواع مختلفة من النشويات، يجب مراجعة أخصائي الحساسية لإجراء فحوص دقيقة. قد تكشف الاختبارات أن السبب ليس حساسية من النشويات نفسها بل مكونات أخرى أو وجود حالة من فرط نشاط الجهاز المناعي. في هذه الحالة يساعد أخصائي التغذية في تصميم نظام غذائي متوازن يقي من النقص مع تجنب الأطعمة المثيرة للأعراض.


