يُوضح هذا النص أن ألم الساق المصاحب للدورة الشهرية يرتبط بآليات بيولوجية عميقة تشمل الهرمونات وتدفق الدم والجهاز العصبي. تنتج الرحم أثناء الدورة زيادة في مركبات البروستاجلاندين، مما يؤدي إلى انقباضات رحمية وتضيق الأوعية الدموية. وقد تمتد هذه التأثيرات إلى المناطق المحيطة وتنتقل عبر المسارات العصبية إلى أسفل الظهر والوركين والساقين. وتزداد شدة الألم غالباً عند وجود حالات مثل بطانة الرحم أو تقلبات هرمونية متسارعة.
وغالباً ما يظهر الألم كألم رجيعي ينتقل من الرحم إلى الساقين عبر مسارات عصبية متصلة، مع تأثر العصب الوركي بشكل خاص. عند انقباض الرحم لإخراج بطانته، قد يُهيج أو يضغط على الأعصاب المجاورة، ما يسبب إحساساً بالوجع أو الثقل في الفخذين والساقين. كما تساهم التغيرات الهرمونية في انخفاض مستوى الاستروجين وحدوث احتباس للسوائل، وهو ما يعزز الألم والتصلب حول الركبتين والكاحلين.
أسباب ألم الساق أثناء الدورة
ارتفاع البروستاجلاندين وانخفاض الإمداد الدموي من أبرز الأسباب الأساسية للألم. تُعد مركبات مثل PGF2α وPGE2 مسؤولة عن زيادة انقباضات الرحم وتضييق الأوعية المحيطة، وهو ما ينعكس على أطراف الجسم بإحساس بالألم والتعب في الساقين. كما يؤدي انخفاض التدفق الدموي إلى شعور بالثقل والتعب في الأطراف السفلى.
تهيج العصب الوركي قد يحدث أثناء الدورة بسبب تورم الرحم أو ضغطه على الحزم العصبية المحيطة. هذا يترجم إلى ألم ينتقل من أسفل الظهر إلى ساق واحدة أو كليهما، ويشبه في كثير من الأحيان عرق النسا. تزداد فرص ذلك في وجود حالات مثل بطانة الرحم، مما يجعل الأعصاب المحيطة بالحوض أكثر حساسية للضغط والتأثر.
قد يسبب مرض بطانة الرحم نمو أنسجة مشابهة لبطانة الرحم قرب الأعصاب الحوضية، ما يزيد من الألم في الساق خلال الفترة الشهرية. تسهم هذه الحالة في تعزيز الألم وتحديداً في فترات التبدلات الهرمونية. كما يبرز احتكاك أو التهاب الأنسجة المحيطة نتيجة الالتهابات الهرمونية وتغيراتها.
احتباس السوائل والالتهاب الناتج عن تقلب الهرمونات يساهمان في التورم حول الساقين والركبتين والكاحلين. تزداد عند بعض النساء أعراض الثقل والخفقان مع بداية الدورة وتختفي تدريجيًا مع نهايتها. يصبح التحرك أكثر صعوبة عندما يترافق التورم مع الألم المصاحب للحيض.
كيف تخففين الألم؟
ينصح باستخدام كمادات دافئة على منطقة الساقين والظهر للمساعدة في ارتخاء العضلات وتحسين تدفق الدم. يمكن تطبيقها لمدة 15 إلى 20 دقيقة عدة مرات يومياً حسب الحاجة. كما يمكن اعتماد كمادات باردة إذا كان الألم ناجماً عن ورم أو التهاب محلي.
مارسي التمارين الخفيفة مثل المشي واليوغا خلال فترة الدورة، فهذه الأنشطة ترفع مستوى الإندورفين وتخفف الألم. تمد الدورة الدموية إلى الأطراف السفلية وتساعد على تخفيف التصلب. انتبهي إلى عدم الإفراط في الحركة أو الإجهاد الشديد.
احرصي على شرب كميات كافية من الماء وتناول الأطعمة المضادة للالتهاب مثل السبانخ وبذور الكتان والسلمون. تساهم هذه الأطعمة في تقليل التورم وتخفيف التشنجات العضلية. يمكن أن يساعد الحصول على المغنيسيوم وأحماض أوميغا-3 في دعم صحة العضلات والمفاصل.
يمكن استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية مثل الإيبوبروفين بجرعات مناسبة لتقليل إنتاج البروستاجلاندين وتخفيف الألم. يجب اتباع تعليمات الجرعة وتجنب استخدامها إذا كنتِ تعانين من حالات صحية معينة أو تتناولين أدوية أخرى. استشيري الطبيب إذا كانت لديك مخاوف بشأن التداخلات الدوائية قبل الاستخدام.
متى تستدعي استشارة طبية؟
إذا كان ألم الساق حاداً أو مستمراً، مصحوباً بخدور أو تورم أو صعوبة في المشي، فينبغي استشارة طبيبة نسائية. قد يشير الألم الشديد أو المفاجئ إلى وجود مشاكل مثل تخثر الدم العميق أو بطانة الرحم المؤثرة على الأعصاب الحوض. تحتاجين إلى تقييم بالصورة بالموجات فوق الصوتية أو الرنين المغناطيسي لاستبعاد الأسباب الأساسية.
عادةً ما يكون ألم الساق المحمل خلال الدورة علامة على تفاعل أجهزة الجسم مع التغيرات الهرمونية، إلا أن استمرار الألم أو تفاقمه يستدعي المتابعة الطبية. يمكن لتعديل نمط الحياة والتوجيه الطبي أن يجعل الدورة أكثر سهولة وأقل ألماً. يظل هدفه الرئيسي تقليل الانزعاج وتحسين الأداء اليومي أثناء الحيض.


