تظهر الأبحاث الحديثة أن الإفراط في استهلاك الملح لا يقتصر على ارتفاع ضغط الدم فحسب، بل يمتد أثره إلى الجلد أيضًا. تشير النتائج إلى أن زيادة الصوديوم قد تضعف الحاجز الواقي للبشرة وتزيد الالتهاب والجفاف. وقد أظهرت تحليلات بيانات آلاف المشاركين أن غراماً إضافياً من الصوديوم في النظام الغذائي قد يرفع احتمال الإصابة بالتهاب الجلد التأتبي بنحو 11%، كما قد يضاعف شدة الأعراض لدى من يعانون منه. وتفسر الدراسات ذلك بأن كميات الصوديوم الأعلى تتراكم في أنسجة الجلد الملتهبة وتزيد من نشاط الاستجابة المناعية المرتبطة بالالتهاب.

العلاقة بين الملح والأكزيما

يشير الباحثون إلى أن الإفراط في تناول الصوديوم يؤدي إلى اضطراب في توازن السوائل داخل خلايا الجلد، ما يضعف الحاجز الطبيعي ويجعل الجلد أكثر عرضة للالتهاب والجفاف. وتبين أن غراماً إضافياً من الصوديوم في النظام الغذائي قد يرفع احتمال الإصابة بالتهاب الجلد التأتبي بنحو 11%، كما قد يضاعف شدة الأعراض لدى المصابين. ويوجد تفسير محتمل بأن الملح يسبب تراكماً صودياً في أنسجة الجلد الملتهبة، مما يعزز من استجابة الجهاز المناعي. وتؤكد نتائج فحص عينات جلدية أن تركيز الملح في الأنسجة المصابة يميل إلى أن يكون أعلى كثيراً منه في الجلد الصحي.

ما وراء النظام الغذائي

لا تتوقف المشكلة عند الملح المستخدم في الطهي فقط، فالأطعمة الجاهزة والمصنعة تشكل المصدر الأكبر للصوديوم. وتشمل القائمة الوجبات السريعة، والمخبوزات التجارية، والمعلبات، والوجبات المجمدة. وتشير التقديرات إلى أن شطيرة واحدة أو قطعة برغر قد تحتوي على ما يقارب غراماً إضافياً من الصوديوم، وهذا قد يزيد خطر الإصابة بالأكزيما بنحو يفوق 20%. وتتوافق هذه النتائج مع ارتفاع معدلات التهاب الجلد التأتبي في الدول الصناعية، ما يوصل إلى استنتاج وجود ارتباط بين أنماط الحياة الحديثة والمرض.

من المطبخ إلى العيادة

يرى أطباء الجلد أن السيطرة على النظام الغذائي جزء من خطة علاج الأكزيما لا يقل أهمية عن العلاجات الموضعية أو الأدوية المثبطة للمناعة. فخفض استهلاك الملح قد يساعد في تهدئة التهيج وتقليل نوبات الالتهاب. وينصح الخبراء بالاعتماد على الأطعمة الطازجة واستخدام الأعشاب الطبيعية كبديل للملح، مع قراءة الملصقات الغذائية لتجنب المنتجات عالية الصوديوم. كما يُشدد على متابعة المرضى مع اختصاصيي الجلد والتغذية لوضع خطط متكاملة للوقاية والعلاج.

تؤكد الدراسات أن الصوديوم يساهم في تفاقم الأعراض، لكن الآلية الدقيقة بين الصوديوم والأكزيما ما تزال غير محسومة. بعض الفرضيات تشير إلى أن الصوديوم يغير بيئة الجلد الدقيقة ويزيد نشاط الخلايا الالتهابية، في حين يرى آخرون أن تآكل الحاجز الجلدي قد يكون أيضاً سبباً أو عاملاً مساعداً. مع ذلك، فإن تقليل الملح يحمل فوائد صحية عامة تشمل صحة القلب والكلى وضغط الدم، ما يجعل اتباع نظام غذائي متوسط الصوديوم خياراً آمناً ومفيداً. يتطلب ذلك متابعة متخصصة وتقييم مستمر للحالة والأنماط الغذائية لضمان أفضل نتائج للمصابين بالتهاب الجلد التأتبي.

شاركها.
اترك تعليقاً