يزداد الاهتمام بآثار رحلات الفضاء على صحة الإنسان، خاصة مخاطر الإشعاع وفقدان العظام، لكن قلقاً أقل شيوعاً ولكنه أكثر إزعاجاً يبرز وهو دوار الحركة الناتج عن العودة إلى الأرض.
وكشفت أبحاث حديثة أجراها فريق من مهندسي الطيران، ونُشرت أصلاً في موقع ذا كونفرسيشن، عن حل غير دوائي واعد يمكن أن يحافظ على يقظة رواد الفضاء واستجابتهم للطوارئ أثناء لحظات الهبوط الحرجة، وهو سماعات الواقع الافتراضي.
يشرح الخبراء أن دوار الحركة في السيارة أو الفضاء ينشأ أساساً من صراع بين ما يختبره الجسم وما يتوقعه الدماغ بناءً على التجارب السابقة.
يعتمد الجهاز الدهليزي، الموجود في الأذن الداخلية، على توقعات الدماغ للحركة في الجاذبية الأرضية، وعندما يدور رائد الفضاء في مدار منخفض الجاذبية يتلقى إشارات صفر جاذبية بينما يتوقع الدماغ وجودها، ما يخلق فجوة معلوماتية وتسبب الدوار.
وعند العودة إلى الأرض يتغير التكيف ويعود الدماغ لتوقع وجود الجاذبية، فتحدث فجوة أخرى من التوقعات ما يسبب دوار الحركة أثناء إعادة التكيّف.
يُعاني أكثر من نصف رواد الفضاء من أعراض دوار الحركة عند الوصول إلى الفضاء وعند العودة إلى الأرض بمعدل حدوث مماثل.
حل غير دوائي
عادة ما يلجأ رواد الفضاء إلى أدوية مضادة لدوار الحركة، لكنها تحمل مخاطر وآثاراً جانبية، أبرزها النعاس وفقدان الفعالية مع مرور الوقت، وهذه الآثار قد تكون كارثية أثناء الهبوط حين تكون الكبسولة عائمة على الماء ويحتاج الرائد إلى تركيزه لأي طارئ.
النافذة الافتراضية
أجرى فريق البحث تجربتين لمحاكاة عودة رواد الفضاء وتعرضهم لأمواج المحيط، بهدف التلاعب بالمعلومات البصرية لتخفيف الدوار. استخدموا سماعات الواقع الافتراضي لخلق نافذة افتراضية كاملة الرؤية للمشاركين، مع تتبع دقيق لحركة الكبسولة.
تشير النتائج إلى أن عرض حركة الكبسولة عبر الواقع الافتراضي يمكن أن يقلل من دوار الحركة إلى نحو النصف تقريباً، وذلك بإرضاء توقعات الدماغ بمطابقة المعلومات البصرية مع مدخلات الجهاز الدهليزي.
فوائد تتجاوز الفضاء
يؤكد الباحثون أن هذا الحل لا يقتصر على رواد الفضاء بل يحمل وعداً لجميع الأشخاص المعرضين لدوار الحركة على الأرض، خاصة في وسائل النقل التي لا تسمح برؤية الطريق مثل الطائرات والقطارات والحافلات، موفراً بديلاً آمناً وفعالاً للأدوية ذات الآثار الجانبية.


