تعلن مصر أن السنوات الأخيرة مهدت الطريق لبناء اقتصاد أكثر قدرة على المنافسة. وتؤكد الدولة أن سياسات اقتصادية مستقرة وشفافة وطويلة الأجل تساعد المستثمرين على اتخاذ قراراتهم بثقة وتوفر رؤية واضحة حول اتجاه الدولة وإطارها المؤسسي. وأشار وزير الاستثمار والتجارة الخارجية إلى أن العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج أصبحت نموذجاً للشراكة القائمة على الثقة والرؤية المشتركة. وجاء ذلك خلال جلسة افتتاحية لمنتدى التجارة والاستثمار المصري – الخليجي في القاهرة تحت عنوان “خارطة طريق نحو تعزيز التعاون الاقتصادي المصري – الخليجي”.
أشار الوزير إلى أن حجم التجارة البينية بين مصر ودول الخليج بلغ نحو 14 مليار دولار في 2024، مقارنة بـ 9 مليارات دولار في 2020. وارتفعت تدفقات الاستثمارات الخليجية في مصر إلى نحو 41 مليار دولار في 2024/2023، لتشكل الحصة الأكبر من الاستثمار الأجنبي المباشر. وتُترجم هذه التدفقات مشاريع كبرى مثل رأس الحكمة بالشراكة مع الإمارات وعلم الروم مع قطر، إلى جانب توسع الاستثمارات السعودية والكويتية والبحرينية في قطاعات الصناعة والطاقة والخدمات المالية والعقارية.
رؤية استثمارية عربية مشتركة
هذه المشروعات تعكس رؤية طموحة لبناء نموذج استثماري عربي متكامل يعتمد على الشراكة الحقيقية والتخطيط طويل الأجل والمردود الإقليمي المشترك. وترفع هذه الخطوات مكانة مصر كمحور رئيسي للتجارة والاستثمار بين أوروبا وأفريقيا وآسيا. وتؤكد التصريحات ضرورة الاستمرار في تبني سياسات اقتصادية مستقرة وشفافة تعزز الثقة وتوفير إطار مؤسسي واضح للمستثمرين.
وتأتي خطوات التطوير البنيوي المصاحبة في مقدمة هذا المسار، حيث أنجزت الحكومة أضخم أعمال تطوير للبنية التحتية في تاريخ البلد وشملت شبكة طرق وموانئ ومطارات ومدناً جديدة ومناطق صناعية واقتصادية. وهذا التطوير يجعل من مصر مركزاً طبيعياً للربط بين الأسواق الأوروبية والأفريقية والآسيوية. وتؤكد التصريحات أن هذه الرؤية تتكامل مع سياسات اقتصادية مستقرة وشفافة تتيح للمستثمرين مخاطبة الدولة بإطار مؤسسي واضح.
على صعيد السياسة النقدية، تم استهداف خفض التضخم واستعادة الانضباط النقدي، فهبط معدل التضخم من نحو 33% في مارس 2024 إلى نحو 11.6% في يونيو 2025. كما ارتفعت الاحتياطيات إلى 50 مليار دولار وتحول صافي الأصول الأجنبية إلى فائض يتجاوز عشرة مليارات دولار. وفي السياسة المالية، استهدفت الحكومة إعادة بناء الثقة وتخفيف الأعباء المالية عن المستثمرين من خلال تحسين كفاءة التحصيل وتوسيع القاعدة الضريبية، مما أدى إلى زيادة الإيرادات الضريبية بنسبة 35% دون فرض أعباء جديدة.
في السياسة التجارية اعتمدت مصر نهجاً أكثر انفتاحاً على الأسواق العالمية مع تنفيذ حزمة إصلاحات ساهمت في خفض زمن وتكلفة الإفراج الجمركي بنسبة 65% مع هدف الوصول إلى 90% بنهاية العام، ليصبح المتوسط يومين. كما أُلغي العديد من العوائق غير الجمركية، ما وفر للاقتصاد المصري أكثر من مليار ونصف دولار خلال العام الحالي. وتؤكد البيانات أن هذه الإصلاحات تدعم الإنتاج المحلي وتزيد الصادرات وتقلل عجز الميزان التجاري.
تستعد الدولة لمرحلة جديدة من التطوير المؤسسي تستهدف التحول الرقمي الكامل في الخدمات الحكومية والاستثمارية عبر منصات موحدة تربط بين التأسيس والتراخيص والمدفوعات والالتزامات المالية والجمركية في منظومة واحدة تضمن الشفافية وسرعة الإجراءات وتعزز الثقة بين الدولة والمستثمر. وتؤكد أن هذه المنظومة ستسهم في تقليل زمن اتخاذ القرار وتسهيل إجراءات الاستثمار. كما ستتيح متابعة مباشرة وتنسيقاً فعالاً مع الجهات المختصة.
وتوضح البيانات أن مصر تتمتع بتكلفة إنتاج تنافسية وقاعدة بشرية تقارب 31 مليون عامل ومهندس وفني وبنية تحتية متطورة وموقع استراتيجي فريد يجعلها مركزاً مثالياً لتوطين الصناعات الخليجية والعربية. وتؤكد أن هذا المصدَر يجعلها مركزاً عملياً لتوطين الصناعات في مجالات الطاقة المتجددة والصناعات الغذائية والهندسية والخدمات اللوجستية، بما يعزز التكامل ضمن سلاسل الإمداد العالمية. وتؤكد أن التعاون الاقتصادي يمكن أن يتحول إلى شراكة إنتاجية مستدامة تخدم مصالح الشعوب في مصر ودول الخليج الشقيقة.
وتشير التصريحات إلى أن مصر منفتحة على كل شراكة جادة وتتحرك بسرعة لمعالجة أي تحديات قد تواجه المستثمرين من خلال آليات متابعة مباشرة وقرارات تنفيذية فورية. وتؤكد أن الدول العربية تمر بمرحلة جديدة من التكامل، قائمة على وضوح الرؤية واستقرار السياسات وتلاقي الإرادات، وتستهدف بناء اقتصاد إقليمي متنوع ومستدام يعزز مكانة منطقتنا كمحور رئيسي للنمو والتجارة والاستثمار العالمي.


