تعلن إدارة مستشفى ملوي في المنيا أن المطرب إسماعيل الليثي يرقد في العناية المركزة بعد الحادث الذي تعرض له. وتوضح أن حالته الصحية لا تزال في خطر مع تسجيل تحسن محدود في الضغط والتنفس. ويمضي الفريق الطبي في متابعة استجابته العصبية وتقييمها بشكل دقيق. ويقف بجواره شقيقاه منذ لحظة الحادث ويترقبان أي إشارة للوعي.
ووفق ما أوضح الدكتور أحمد عمر، مدير المستشفى، فإن الوضع الصحي ما زال يفرض متابعة دقيقة ويستلزم رعاية مركزة. وتشير المؤشرات إلى أن الضغط الدموي بدأ يتحسن والتنفس أصبح أقرب إلى الانتظام، إلا أن حالة الفنان ما زالت في الغيبوبة وتتطلب رعاية مستمرة. ويؤكد الأطباء أن أي تأخر في التدخل قد يغير مجرى النتيجة بين التعافي والضرر الدائم. وتؤكد هذه المعطيات الحاجة إلى رعاية دقيقة وتقييم مستمر للأسباب المحتملة للحالة.
مقياس غلاسكو للغيبوبة
من أهم أدوات تقييم الغيبوبة مقياس غلاسكو للغيبوبة (GCS)، وهو يمنح المريض درجة من 3 إلى 15 بناءً على استجابته للعينين والكلام والحركة. تتراوح النتائج من 13 إلى 15 للدلالة على وعى شبه كامل، ومن 9 إلى 12 تشير إلى اضطراب متوسط في الوعي، بينما 8 أو أقل تعني غيبوبة شديدة تستدعي دعمًا تنفسيًا عاجلًا. يستخدم هذا المقياس عالميًا لمتابعة التغيرات الدقيقة في حالة المريض، إذ قد يعكس ارتفاع نقطة واحد تحسنًا فعليًا في وظائف الدماغ.
الفروق بين الحالات
تُظهر هذه الحالات تشابهًا ظاهريًا لكنها تختلف من حيث نشاط الدماغ وفرص التعافي. الغيبوبة تعني فقدانًا مؤقتًا للوعي مع احتمال التحسن خلال أسابيع، بينما الحالة النباتية المستمرة يكون فيها المريض قادرًا على فتح عينيه والتنفس لكنه يفتقد الإدراك والوعي. أما الموت الدماغي فهو توقف كامل ونهائي لوظائف المخ ويُنظر إليه كوفاة قانونية.
الوعي الخفي والتقنيات
تستند الأبحاث إلى تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي الهيكلي والوظيفي لاكتشاف أنماط نشاط دماغي تشير إلى وجود وعي إدراكي خفي لدى بعض المرضى المصابين بغيبوبة تامة. تسمّى هذه الظاهرة التفكك الحركي المعرفي، حيث يستطيع المريض معالجة الأوامر ذهنيًا بينما يظل عاجزًا عن الاستجابة الجسدية. تفتح هذه النتائج بابًا جديدًا في التشخيص وتساعد الأطباء والعائلات في تمييز من يحتفظون بعقل حاضر رغم غياب الاستجابة وتوجيه قرارات الرعاية والتأهيل.
نهج التعامل الطبي
يتبع الأطباء في الحالات الطارئة ما يعرف بـ ABC: تأمين المجرى الهوائي والتنفس والدورة الدموية. بعد ذلك يجري اختصاصيو الأعصاب فحوصًا وتحاليل لتحديد السبب، وتُقاس ضغط الدماغ وتُتابع نشاط الدماغ باستخدام التخطيط الكهربائي. كما يُستخدم العلاج للسيطرة على التورم الدماغي وعلاج العدوى واضطرابات الأيض، ويُقدَّم الدعم الغذائي والفيزيائي للحفظ على سلامة العضلات والمفاصل.
أمل العلم في الغيبوبة
تشير الأبحاث الحديثة إلى وجود أمل في حالات تعتبر ميؤوسًا منها، فبين كل خمسة مرضى غيبوبة طويلة يتواجد نحو واحد يحتفظ بدرجة من الإدراك الداخلي يمكن اكتشافها بالتصوير المتقدم. وعليه، قد يكون بعض المرضى في وعي جزئي صامت ينتظر وسيلة للتواصل ما يغيّر قرارات الرعاية والتأهيل.
حالة إسماعيل الليثي
في سياق الحالة المعروضة، يظهر أن التحسن النسبي في المؤشرات الحيوية لم يغير حتى الآن من وضع الغيبوبة، وتبقى مناطق الوعي في الدماغ بحاجة لإعادة نشاطها. يعمل الأطباء على متابعة الاستجابة العصبية بدقة لتقييم احتمالات الشفاء مع استمرار التحسن في الأكسجين والضغط الدموي. الغيبوبة ليست غيابًا مطلقًا عن الحياة بل صراعًا دقيقًا بين الخلايا العصبية لإعادة التواصل مع العالم، وتبقى الغرفة التي يرقد فيها مريض ينتظر إشارات تعني عودة الوعي.


