إطار المعرض ومكانه

استقبلنا معرض صلة.. ما تبقى لكم في مركز مرايا للفنون بالشارقة ضمن فعاليات أسبوع دبي للتصميم 2025. يعرض المعرض التطريز الفلسطيني كأداة تواصل بين الماضي والحاضر ويضم أعمال 25 فنانًا ومصمّمًا عربيًا. يهدف التنظيم إلى إعادة تصور التطريز بوصفه لغة فنية معاصرة تربط التراث بالواقع الراهن. يشارك في التنظيم كل من سيما عزام من مرايا ونور سهيل من 1971 – مركز التصميم، وبالتعاون مع رولا العلمي ومؤسسة سلسلة معارض صلة.

تجربة حسية بين الأقمشة والروائح

تتيح التجربة الحسية للزائر مزيجًا من المشاهد البصرية والروائح والأنغام المتداخلة عبر الأعمال المعروضة. تبرز الجدران الرمادية غير المكتملة التشطيب إحالات إلى بيوت اللاجئين، وتنتشر أضواء الضوء الدافئ لتنعكس على الأقمشة المطرّزة. أضافت الفنانة آية حيدر في إحدى الأعمال رائحة الزعتر لتمنح الهواء نعمة بيت فلسطيني يحرك الذاكرة. كما نجد قطعة على شكل وسادة مطرزة ومحشوة بالزعتر تدمج التراث بالحياة اليومية وتدفع المتلقي إلى لمس النسيج ورائحة الزعتر.

أعمال تعيد تشكيل الحكايات والتقنيات

يعرض المعرض تقنيات ومواد متعددة يدمج بها التطريز الفلسطيني في سياق فني معاصر. يشارك عبد الرحمن قطناني بلوحة تجمع بقايا الزينكو وقطع الحديد من مخيمات اللاجئين لتمثل امرأة تخيط ثوبها بين الركام، وتؤكد الاستمرار بالحياكة. تبرز اللوحة التوتر بين الظل والضوء وتكثّف رسالة المواجهة بالصمود، بينما تذكّر التفاصيل بالحركة اليدوية المستمرة. تتخلل أعمال أخرى إشارة إلى استخدام التطريز في أشكال جديدة تعكس تداخلاً بين التراث والابتكار.

كما تقدم الفنانة كريستيانا ديماركي تجربة تجريدية عن قبور الشهداء تتكوّن من وحدات هندسية دقيقة تشبه خيوط التطريز المتقاطعة في صمت يعبر عن عمق الألم والأمل. وتؤكد الرؤية أن التطريز ينسج حضورًا بصيغة جديدة يتيح قراءة المكان والذاكرة من منظور مختلف. يعكس العمل بتجريده لغة تقنية تجمع بين البصر والخيال وتخترق صمت المعرض بحدّة هادئة.

تجارب سمعية وبصرية إضافية

إلى جانب ذلك تقدم نعيمة مجدوبة من قطر تجربة سمعية رقمية تجمع نقوش التطريز في تكوينات صوتية، فيسمع الزوار كيف تتحوّل الغرز إلى نغمات. تقع في زاوية أخرى أعمال تطرّز الرموز الفلسطينية على القماش وتغطي بعض المشاهد بالقذائف بتطريز فلسطيني دقيق، لتشكل حوارًا مكتوبًا بالوشم البصري. وبجانبها، تُبرز الأعمال التي تجمع الأعشاب الفلسطينية مثل السماق والمرامية والزعتر كعنصر حيوي في النسيج وتضيف إلى الحقل العاطفي للمجموعة.

تؤكد هذه الرؤية أن التطريز ليس مجرد تراث بل قوة ناعمة تحافظ على الهوية وتواجه التحديات، وتربط الماضي بالحاضر عبر لغة تشكيلية تحاكي المستقبل.

تُختتم الجولة بالتأكيد على أن التطريز الفلسطيني ليس مجرد تراث بل قوة ناعمة تحافظ على الهوية وتبقيها نشطة أمام التحديات. يؤكد العرض أن التطريز يشكل أرشيفًا حيًا يربط الماضي بالحاضر ويوصل رسائل المقاومة والحياة إلى المستقبل. يتيح المعرض مساحات فكرية وجمالية تجمع الماضي مع الحاضر وتحفّز على قراءة جديدة للنسيج كخطّ حيوي يستجيب للزمن.

شاركها.
اترك تعليقاً