تُعد التشنجات من الظواهر العصبية الأكثر إثارة للقلق بين الأطباء والمرضى، فهي ناتجة عن خلل مفاجئ في النشاط الكهربائي داخل الدماغ يؤدي إلى حركات غير إرادية أو فقدان مؤقت للوعي أو تغير في الإحساس والسلوك. وفقًا لتقرير نشره موقع Cleveland Clinic، فإن التشنجات ليست مرضًا بذاته، بل عرضًا يشير إلى اضطراب في الإشارات العصبية التي تنقلها خلايا الدماغ. حين تختل هذه النبضات الدقيقة، تفقد الخلايا قدرتها على التنسيق وتحدث النوبة.

كيف تبدأ التشنجات

تبدأ التشنجات عندما ترسل مجموعة من الخلايا العصبية إشارات مفرطة السرعة أو الكثافة دون تحكّم من الدماغ. تمثل هذه الإشارات عاصفة كهربائية داخل الجهاز العصبي قد تستمر من بضع ثوانٍ إلى عدة دقائق. أثناء ذلك، يفقد المريض الوعي أو تتعطل حركته بشكل مفاجئ وتظهر رعشات أو تصلّب عضلي مفاجئ. تحتاج هذه النبضات إلى تنظيم ليتسنى للدماغ الحفاظ على التنسيق بين الخلايا العصبية، وإلا ظهرت النوبة.

الأسباب الأكثر شيوعًا

تنقسم الأسباب عادةً إلى فئتين رئيسيتين: الأولى هي التشنجات العارضة أو المستثارة التي تعود إلى عامل مؤقت يمكن معالجته مثل ارتفاع الحرارة عند الأطفال أو اضطراب شديد في سكر الدم أو نقص الصوديوم أو الكالسيوم. أما التشنجات غير المستثارة فهي المتكررة دون محفز واضح وتكون غالبًا مرتبطة بالصرع أو خلل مزمن في كهرباء الدماغ. يراعي الطبيب فرق النوعين لاختيار العلاج الأنسب.

الأسباب الطبية الشائعة

تشمل الأسباب الطبية الشائعة إصابات الرأس الناتجة عن الحوادث أو السقوط وأورام الدماغ وتمدد الأوعية الدموية. كما تسهم التهابات الجهاز العصبي مثل التهاب السحايا في حدوث التشنجات، إضافة إلى السكتات الدماغية أو نقص الأكسجين والتسمم بالمعادن الثقيلة أو أول أكسيد الكربون. كما توجد أمراض وراثية تؤثر في تطور الخلايا العصبية.

المحفزات اللحظية والتجنب

يشير التقييم إلى أن كثيرًا من النوبات يمكن إثارتها بعوامل يومية بسيطة لدى الأشخاص المعرضين، مثل قلة النوم أو الإجهاد المفرط أو الأضواء المتقطعة. كما قد يتسبب الامتناع المفاجئ عن تناول بعض الأدوية أو الكحول في ظهور نوبات جديدة. متابعة هذه المحفزات وتدوينها تساعد الطبيب في ضبط العلاج وتقليل عدد النوبات.

التشنجات بين الأطفال والبالغين

عند الأطفال، قد تحدث التشنجات بسبب الحمى المرتفعة أو اضطرابات وراثية عصبية. أما لدى البالغين فتصنف الإصابات الدماغية وأمراض الأوعية الدموية كأبرز المسببات. مع التقدم في العمر، يزداد الخطر بسبب تراجع كفاءة الخلايا العصبية وقدرتها على تنظيم الإشارات.

التشخيص والعلاج

يبدأ التشخيص بسرد تفصيلي لما حدث أثناء النوبة وفحص عصبي شامل، ثم تُجرى اختبارات مثل تخطيط كهربية الدماغ (EEG) لرصد النشاط الكهربائي والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لتحديد وجود إصابة أو ورم. أحيانًا تُجرى فحوص الدم للكشف عن اضطرابات الأملاح أو العدوى أو السموم. يساعد جمع هذه المعلومات الطبيب في وضع خطة علاج مناسبة.

يعتمد العلاج على النوع والسبب؛ فإذا كان هناك عامل محرك كهبوط السكر أو عدوى يتم علاج السبب مباشرة. أما في حالات الصرع أو النوبات المتكررة، فيُستخدم دواء مضاد للتشنجات للتحكم في الإشارات الكهربائية ومنع تكرارها. وفي بعض الحالات المعقدة، قد تُجرى جراحة لإزالة بؤرة كهربائية محددة في الدماغ، أو يُستخدم التحفيز العصبي لتنظيم النشاط العصبي.

تأثير التشنجات على الحياة اليومية

لا تشكل التشنجات عادة خطرًا على الحياة، لكنها تؤثر على الثقة بالنفس ونمط الحياة اليومي. كثير من المرضى يعانون من القلق أو الخوف من حدوث نوبة مفاجئة. لذلك ينصح الأطباء باتباع نمط حياة منظم، والنوم الكافي، وتجنب الإجهاد والمحفزات الحسية القوية، مع الالتزام بالعلاج والمتابعة الدورية.

شاركها.
اترك تعليقاً