استلمت مدريد معبد ديبود كهدية من مصر منذ أكثر من خمسين عامًا، وهو معلم مصري يقع الآن في حديقة كاسر دي لا مونتانيا قرب ساحة إسبانيا. ويعود تاريخ المعبد إلى نحو ألفي عام ويُعد من أندر الشهادات الأثرية الخاصة بمصر القديمة التي يمكن رؤيتها كاملة خارج أرضها. كما يظل المعبد شاهداً على تواصل ثقافي وتاريخي بين مصر وإسبانيا منذ منتصف القرن العشرين.
معبد ديبود: جدل وتدابير حماية
أعلن عمدة مدريد آنذاك كارلوس أرياس نافارو عند افتتاح المعبد أن هذه الحجارة ستصمد لقرون، وتبقى الرؤية ثابتة. ومع مرور نحو نصف قرن برزت مسألة الحفاظ كقضية جدلية في السياسة المدريدية. أطلقت مبادرة أفكار لحماية المعبد بمبادرة من رجال أعمال في Madrid وبالتعاون مع جمعية المهندسين المعماريين الإسبان وتحت إشراف خبراء في المصريات والآثار والترميم لضمان نهج دقيق يحافظ على التراث. دافعت مارطا ريفيرا دي لا كروز عن تغطية المعبد واعتبرت ذلك تغييرا واضحا في المشهد الحضري، وأضافت أن دراسة عام 2022 أظهرت حالته المعقولة وأن التغطية ليست خياراً مطروحاً.
لمحة تاريخية عن المعبد
تم بناء المعبد في القرن الثاني قبل الميلاد بأمر الملك أديجالماني، وهو ملك مملكة النوبة في مروي، وكان المعبد مخصصاً للإلهين أمون وإيزيس وتزين بنقوش طقسية.وسع الملوك البطلميون المعبد وأتم الإمبراطوران الرومان أغسطس وتيبيريوس بنائه وتزيينه. لكن النوبة تحولت إلى المسيحية في القرن السادس فترك المعبد وتعرّض لأضرار نتيجة العوامل الطبيعية وزلزال 1868. في إطار جهود حماية الآثار، دعمت إسبانيا مشروعاً دولياً بقيادة فريق برئاسة البروفيسور مارتن ألماجرو باش، ونُشرت ثمانية مجلدات من المذكرات الأثرية، وقررت مصر أن تُقَدّم أربعة معابد للدول المشاركة من بينها المعبد الذي نُقل إلى إسبانيا.
وصول المعبد إلى مدريد
في عام 1970 نُقلت 1,350 صندوقاً تحتوي على قطع المعبد بواسطة 90 شاحنة من ميناء فالنسيا عبر البحر المتوسط والنيل إلى مدريد. اختيرت حديقة كاسر دي لا مونتانيا لتكون موطنه النهائي رغم اقتراح مدن مثل إلتشي وألميريا وبرشلونة كمواقع بديلة. كانت عملية النقل والتركيب معقدة إذ وصلت قطع بلا أرقام أو بعلامات خاطئة، وانتهت الأعمال الأساسية في نحو عامين في عام 1972.
التحديات المستمرة في الحفظ
اشترطت الحكومة المصرية عند التبرع ألا يُعرض المعبد للهواء الطلق، بل يوضع في مبنى مخصص لهذا الغرض. غير أن المعبد ظل مكشوفاً في مدريد ولم يُنقل إلى متحف، وهو ما عرض أجزاء منه لعوامل التعرية. وتزايدت التحذيرات من تدهور حالته فاقترحت مدينة مدريد دفنه في متحف تحت الأرض عام 2002، لكن الاقتراح لم يُنفذ. وفي 2007 اقترحت اليونسكو تغطية المعبد لكنها لم تتحقق، وفي 2020 دعا عالم الآثار زاهي حواس إلى حماية أقوى للمعبد مع استمرار رفض التغطية وتوفير تمويل للدراسات اللازمة لتعزيز الحماية المناخية بشكل مستدام.


