ابدأ العناية بصحة فم الطفل من الأيام الأولى بعد الولادة، فهذه العناية ليست ترفًا بل أساس لصحة الفم مدى الحياة. في هذه الفترة تتكوّن لدى الطفل “ذاكرة فموية” تجمع بين علاقة الفم بالطعام والتنفس والنوم والنطق، وأي إهمال في هذه المرحلة قد يفتح بابًا لمشكلات مثل الالتهابات الفموية أو التسوس المبكر. وتؤكد الممارسات الطبية أن البدء المبكر يهيّئ بيئة الفم الصحيحة ويقلل المخاطر المرتبطة بتطور الأسنان. وفقًا لتوجّهات الرعاية الصحية، يبدأ تنظيف فم الرضيع باستخدام قطعة قماش مبللة ومعقمة حتى ظهور أول سن.
لماذا تبدأ العناية قبل ظهور الأسنان؟
تؤكد ممارسات طب الأسنان أن اللثة نفسها عرضة للالتهاب، خصوصًا مع الرضاعة الليلية المستمرة أو عدم تنظيف الفم بعد الرضاعة. وعندما تبدأ الأسنان بالظهور، تكون اللثة الصحية أكثر قدرة على استقبالها دون ألم أو تورم. لذا يعتبر العناية المبكرة خطوة مهمة للحفاظ على بيئة فم سليمة وتسهيل ظهور الأسنان التالية. كما أن العناية اللطيفة باللثة تهيئ انتقالًا سلسًا للأسنان الجديدة وتقلل الانزعاج عند ظهورها.
ما الذي يحدث إن أُهملت النظافة الفموية المبكرة؟
تشير دراسات حديثة إلى أن الأطفال الذين لا يُنظّفون فمهم خلال السنة الأولى يتزايد احتمال تسوس الأسنان اللبنية لديهم بنحو 40%، كما أن الالتهابات المبكرة قد تؤثر في النطق وتناول الطعام لاحقًا. الحفاظ على النظافة خلال هذه الفترة يساعد في تقليل هذه المخاطر وبناء عادات صحية تستمر مع الطفل سنوات. كما أن وجود فم سليم يمنح الطفل شعورًا بالراحة ويدعم نموه اللغوي والتغذوي بشكل أفضل. متابعة زيارة الطبيب مبكرًا تسهم في رصد المشكلات وتقديم الإرشادات اللازمة للأهل.
خطوات العناية اليومية المبكرة
تنظيف اللثة يتم بمسح الفم بقطعة قماش نظيفة مبللة بالماء الفاتر بعد كل رضاعة. عند بزوغ أول سن، تستخدم فرشاة ناعمة ومعجون بحجم حبة الأرز. يجب تجنّب مشاركة الأدوات مع الأهل لأنها قد تنقل بكتيريا التسوس. وتُعد زيارة طبيب الأسنان الأولية مهمة عند بلوغ الطفل عامه الأول.
كيف نحمي الطفل من التسوس المبكر؟
توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بتجنب المشروبات المحلاة وعدم ترك زجاجة الحليب في فم الطفل أثناء النوم. كما يُنصح بعدم تقبيل الطفل من الفم لأن ذلك ينقل البكتيريا بسهولة. كما يوصى بإدراج روتين تنظيف فم متواصل مع العناية بنظافة الفم منذ الشهور الأولى. الالتزام بهذه الإجراءات يحد من مخاطر التسوس المبكر ويحمي صحة الفم العامة للطفل.
فوائد نفسية
يؤكد الدكتور عادل سلطان، استشاري الطب النفسي والعصبي، أن النظافة الفموية لا ترتبط فقط بالأسنان بل تؤثر في الجهاز العصبي وتساعد في تقليل الالتهابات التي قد تؤثر على المزاج والنوم. كما يشير إلى أن تعويد الطفل على روتين تنظيف الفم يوميًا يعزز الشعور بالنظام والراحة العصبية منذ الصغر. وتُعد هذه العادات جزءًا من الصحة النفسية للطفل وتكاملها مع نموه اليومي.
دور الأهل في بناء العادة
الطفل لا يتعلم من التعليمات وحدها، بل من التكرار والمشاهدة. عندما يرى الوالدان ينظفان أسنانهما بانتظام، يربط الرضيع بين النظافة والشعور بالراحة. لذلك يُنصح بمشاركة الطفل في روتين الأسرة اليومي منذ الشهور الأولى وتقديم القدوة العملية. يجب أن تكون العناية جزءًا من الحياة اليومية وليست مهمة مفروضة.
التوازن بين العناية والراحة
لا تحتاج العناية بصحة فم الرضيع إلى أدوات معقدة أو وقت طويل؛ فخطوات بسيطة وبطريقة لطيفة كافية. الهدف هو ربط التنظيف بالراحة وليس الإكراه، مع الحفاظ على روتين ثابت يساعد الطفل على التقبّل. يمكن تخصيص أوقات مناسبة خلال اليوم وتكرارها بشكل منتظم لتصبح عادة طبيعية. كما يجب أن تتسم التجربة بالهدوء وتوفير بيئة مريحة لتجنب التوتر.


