تعلن المؤسسات الصحية أن مرض الزهايمر ليس مجرد اضطراب في الذاكرة بل مرحلة أعمق وأكثر تعقيدًا ترتبط باضطراب أيضي واسع في الجسم وهو اضطراب سكر الدم. وتؤكد أن العلماء في السنوات الأخيرة بدأوا استخدام مصطلح “السكري من النوع الثالث” لوصف هذا الارتباط بين الدماغ والجلوكوز. وتوضح أن ارتفاع سكر الدم لفترات طويلة قد يسهم في شيخوخة الدماغ وتدهور وظائفه المعرفية مع مرور الوقت. وتؤكد نتائج الدراسات أن الدماغ لا يستطيع استخدام الجلوكوز بكفاءة عندما يتواجد خلل في توازن السكر في الجسم.

العلاقة بين سكر الدم والدماغ

يعد الدماغ أكثر أعضاء الجسم استهلاكًا للطاقة ويعتمد على الجلوكوز كمصدر رئيسي للوقود. عندما تكون مستويات السكر في الدم ضمن المعدل الطبيعي، تُغذّى خلايا الدماغ بما يكفي من الطاقة لتعمل بكفاءة. لكن ارتفاع السكر على المدى الطويل يؤدي إلى مشاكل في الخلايا العصبية والأوعية الدقيقة داخل الدماغ. وتوضح الدراسات أن ارتفاع سكر الدم المزمن يضعف تدفق الدم إلى أنسجة الدماغ، ويرفع الالتهابات والإجهاد التأكسدي، كما يتسبب في تلف الخلايا المسؤولة عن الذاكرة والانتباه.

مقاومة الأنسولين في الدماغ

لا يعد الأنسولين مجرد هرمون لتنظيم السكر فحسب، بل يلعب دورًا حاسمًا في حماية الخلايا العصبية وتسهيل التواصل بينها. عندما تحصل مقاومة الأنسولين، تفقد الخلايا العصبية قدرتها على الاستفادة من الجلوكوز بشكل فعال. تشير دراسة منشورة في 2022 إلى أن كبار السن المصابين بمقاومة الأنسولين يظهرون انخفاضًا في نشاط مناطق الذاكرة والتعلم. ويسهم ذلك في تفسير سبب إطلاق مصطلح السكري من النوع الثالث على الزهايمر، حيث يصبح الدماغ غير قادر على استخدام الجلوكوز كما في الأنسجة الأخرى.

الحاجز الدموي الدماغي

يعمل الحاجز الدموي الدماغي كدرع دفاعي يمنع السموم من دخول الدماغ. عند ارتفاع سكر الدم المزمن، تتلف خلاياه الدقيقة في الحاجز وتسمح بعبور بروتينات مثل الأميلويد إلى الدماغ. تعد اللويحات الأميلويد علامة بارزة في الزهايمر وتضعف التواصل بين الخلايا العصبية. تشير دراسات حديثة إلى أن ارتفاع الجلوكوز يسهم في زيادة تسرب الحاجز وتفاقم الالتهاب العصبي.

الالتهاب والإجهاد التأكسدي

عندما يرتفع سكر الدم، ينتج الجسم عددًا من الجذور الحرة مما يسبب الإجهاد التأكسدي الذي يضرّ الحمض النووي والبروتينات في الخلايا الدماغية. هذا الإجهاد يسرّع عملية الشيخوخة ويضعف القدرات الإدراكية. كما يؤدي تناول كميات كبيرة من السكريات المكررة إلى إفراز سيتوكينات التهابية تسبب التهابًا مزمنًا يشوّه الإشارات العصبية. تشير الدراسات إلى أن الالتهاب المستمر يزيد مخاطر الإصابة بالخرف بنحو يصل إلى 60% لدى مرضى السكري من النوع الثاني.

التحلل السكري المتقدم AGEs

عندما يرتبط السكر بالبروتينات أو الدهون في الجسم، تتكوّن مركبات تعرف بمنتجات التحلل السكري المتقدمة AGEs. تتراكم هذه المركبات في الدماغ وتؤدي إلى تصلّب الأنسجة وتلف الخلايا العصبية. أظهرت دراسة منشورة في 2021 أن المستويات المرتفعة من AGEs ترتبط بزيادة الالتهاب وفقدان الذاكرة.

الوقاية من السكري الدماغي

يمكن تأخير هذا التدهور أو الوقاية منه عبر التحكم في سكر الدم ونمط الحياة. تشمل التوصيات اتباع نظام غذائي متوازن منخفض السكر يعتمد على الخضار والفواكه والحبوب الكاملة، وممارسة نشاط بدني منتظم مثل المشي السريع أو السباحة. كما يساعد الحفاظ على وزن صحي وتخفيف التوتر والنوم الكافي في استقرار الهرمونات وسكر الدم وتحسين حساسية الأنسولين. وتؤكد الفحوصات الدورية، خاصة بعد سن الأربعين، على مراقبة سكر الدم ووظائف الدماغ.

شاركها.
اترك تعليقاً