سجلت الصناعة الموسيقية البريطانية رقماً قياسياً جديداً، إذ أعلنت UK Music أن الصناعة ضخت 8 مليارات جنيه استرليني (10.5 مليارات دولار) في شرايين الاقتصاد البريطاني لعام 2024.

لكن وراء العزف الفردي للأرقام تقف تحذيرات قوية؛ فـ«تسونامي الذكاء الاصطناعي» و«قسوة بريكست» يهددان بخطف الأنغام من الفنانين، ما يلقي بظلاله الداكنة على مستقبل هذا القطاع الحيوي.

ساهمت جولات الفنانين الكبار والنجاح العالمي لنجوم مثل تشارلي إكس سي إكس ولولا يونج في تعزيز أرقام الصادرات بشكل لافت، لكن النمو لم يكن كافياً ليضاهي طفرة التعافي ذات الرقمين التي شهدها القطاع مباشرة بعد انتهاء جائحة كوفيد-19. هذا التباطؤ يرجع إلى التحديات الخارجية التي تستدعي إجراءات عاجلة من الحكومة البريطانية.

بات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كابوساً لوجستياً ومالياً للفنانين البريطانيين، وحذر توم كيهل، الرئيس التنفيذي لاتحاد الموسيقى في المملكة المتحدة، من أن تأثير بريكست «لا يزال سيئاً ويزداد سوءاً».

ارتفاع التكاليف والبيروقراطية

واجهت فرق الجولات تكاليف إضافية غير مسبوقة، وتعقيدات بيروقراطية لإدخال المعدات والأفراد إلى دول الاتحاد الأوروبي. لم يقتصر الضرر على الجولات، بل انخفض عدد العملاء الأوروبيين الذين يحجزون استوديوهات التسجيل البريطانية، ما يهدد موقع المملكة المتحدة كمركز إبداعي عالمي.

إذا كان بريكست يمثل ضريبة سياسية، فإن الذكاء الاصطناعي يمثل تهديداً وجودياً لحقوق الملكية الفكرية للفنانين. أظهر استطلاع UK Music أن ثلثي منشئي الموسيقى يرون أن الذكاء الاصطناعي يمثل تهديداً مباشراً لمسيرتهم المهنية، بينما أكد 90% ضرورة وضع حواجز حماية تمنع استخدام أعمالهم الفنية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي دون إذن أو تعويض.

معركة جيتي إيمجز ظهرت في الواقع كقرار قضائي حين خسرت الشركة دعوى ضد ستايبيلتي إيه آي في المحكمة العليا بلندن، متهمة إياها باستخدام ملايين صورها المحمية ل تدريب نظام Stable Diffusion. ورغم أن القاضية جوانا سميث وجدت أن جيتي نجحت جزئياً في قضية العلامة التجارية، إلا أن الحكم كان تاريخياً ومحدود النطاق فيما يخص الانتهاك الثانوي لحقوق النشر الأساسية.

هذا الحكم يمثل جرس إنذار للقطاع بأن المعركة القانونية لحماية الملكية الفكرية في مواجهة عمالقة الذكاء الاصطناعي ستكون طويلة وشاقة.

الموقف الحكومي والتحدي التنظيمي

حذر الرئيس التنفيذي لاتحاد الموسيقى في المملكة المتحدة من أن الحكومة ستُحكم عليها بناءً على التقدم الذي تحرزه في تنظيم الذكاء الاصطناعي وفتح المجال للجولات في الاتحاد الأوروبي. تخطط الحكومة لتسهيل وصول شركات الذكاء الاصطناعي إلى البيانات عبر مشروع قانون البيانات ومنح استثناءات لحقوق النشر لأغراض التدريب التجاري، وهو أمر أثار ردود فعل عنيفة من القطاع الثقافي الذي يرى أن هذه المقترحات تفضل مصالح شركات التكنولوجيا على مستقبل المبدعين.

شاركها.
اترك تعليقاً