أعلنت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أن الدولة تتبنى منهجية جديدة لتطوير منظومة التخطيط على المستوى القومي. أشارت إلى الانتقال من تخطيط المشروعات إلى التخطيط الاستراتيجي الشامل المبني على جودة السياسات، بما يضمن جودة النمو الاقتصادي. أكدت ربط خطط التنمية السنوية بخطط متوسطة وطويلة الأجل واستراتيجيات قطاعية، مع الاعتماد على أدوات التخطيط القائمة على منهجية “خطط البرامج والأداء” في إطار تطبيق قانون التخطيط العام للدولة وقانون المالية العامة. أوضحت أن الهدف يتمثل في مراعاة تحقيق الأهداف الاستراتيجية ذات الأولوية وربط الأداء التنموي بالأداء المالي، بما يسهم في سد الفجوات التنموية وتحسين مؤشرات التنافسية ورضا المواطن عن الخدمات الحكومية، مع تعزيز مشاركة القطاع الخاص وتخفيف الآثار المناخية ومراعاة فئات المجتمع ذات الأولوية.
أشارت الدكتورة رانيا المشاط إلى قطاع الصحة خلال الجلسة الحوارية في فعاليات المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية PHDC’25 عقب إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصحة الرقمية 2025–2029، تحت رعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأضافت أن الصحة يجب أن تكون مرتبطة مباشرة بأولويات التنمية وتؤثر في المجتمع والاقتصاد والبيئة. كما شددت على تعزيز التكامل بين القطاعات الصحية والتعليم والبيئة والحماية الاجتماعية والوعي الثقافي، بحيث لا يعمل التدخل الصحي منفرداً بل ينعكس في نتائج القطاعات الأخرى. وأكدت أن التعاون الدولي يعزز من نجاح هذه الرؤية.
أولويات الصحة التنفيذية
أوضحت أن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية وبرنامجها التنفيذي المبني وفق منهجية البرامج والأداء يتضمن مجموعة من الأولويات لقطاع الصحة. تشــمل تحسين جودة الخدمات الصحية وإتاحتَها، والتوسع في كليات الطب ومعاهد التمريض، وزيادة معدل إتاحة الأسرة في المستشفيات، مع تركيز على محافظات الصعيد والمناطق الحدودية. كما تُستهدف مضاعفة نسبة المنشآت الصحية المعتمدة محلياً وتعزيز برامج الصحة الوقائية والتثقيفية، إضافة إلى تعزيز الحوكمة في القطاع الصحي.
أشارت إلى أهمية تطوير آليات المتابعة وتقييم الأداء، مؤكدة أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تعزز قدرات المختصين في الوزارات والجهات التابعة باستخدام أحدث المنهجيات الدولية. وتعتمد على الأدلة الإرشادية مثل دليل إعداد الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ودليل المتابعة والتقييم وتطبيق خطط البرامج والأداء، إضافة إلى ميكنة عملية المتابعة ضمن منظومة أداء والمنظومة المتكاملة لإعداد ومتابعة الخطة. وتهدف هذه الإجراءات إلى ضمان جودة التنفيذ بما يتوافق مع جودة التخطيط.
إعادة هيكلة الاستثمار الصحي
أكّدت الدكتورة المشاط أن الصحة ليست مجرد خدمة بل ركيزة استراتيجية للنمو والتنمية المستدامة. مع اعتبار أنها تشكل استثماراً في رأس المال البشري وتحسن ترتيب أولويات الإنفاق. ومن ثم يحول القطاع الصحي إلى محرك نمو مستدام يدعم جودة الحياة ويرفع مكانة مصر كمركز إقليمي للاستثمار الصحي. كما أشارت إلى أن السردية الوطنية تستهدف مضاعفة مساهمة الصحة في الاقتصاد بحلول عام 2030، ما يؤدي إلى توسيع التصنيع الدوائي والمنتجات الطبية وزيادة مساهمة القطاع الخاص في تقديم الخدمات الطبية عالية الجودة، بما يتوافق مع وثيقة سياسة ملكية الدولة.
ولتعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار الصحي، أشارت إلى أن قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 يتضمن حوافز مخصصة للقطاع الصحي، كما أُطلقت مؤخرًا حوافز إضافية للمستثمرين في القطاع الصحي الخاص. وتشجع الحكومة القطاع الخاص على تقديم الخدمات الصحية للمواطنين ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل، بما يجعل القطاع شريكاً استراتيجياً في المنظومة التي تهدف إلى تغطية أوسع نسبة من المواطنين بحلول 2030. وتؤكد هذه الحوافز دعم تعبئة الاستثمار في الصحة بما يتماشى مع توجهات الدولة.
التدفقات الاستثمارية في الصحة
تشير البيانات إلى أن التدفقات الرأسمالية الموجهة لقطاع الصحة بين 2014 و2025 بلغت نحو 78 مليار جنيه، منها 60% للخدمات الطبية والعلاجية و40% لقطاع الأدوية. وتؤكد البنية الرقمية المتطورة التي نفذتها الحكومة خلال السنوات الأخيرة تمهيد الطريق لاعتماد التكنولوجيا الرقمية في الخدمات الصحية وتحويل القطاع إلى منصة استثمارية جاذبة للشركات العالمية. وتسهم هذه التحولات في رفع كفاءة الإدارة العامة وتحسين جودة الخدمات وتوفير بيئة مستدامة للنمو الاقتصادي، مع دعم مكانة مصر كمركز إقليمي للتكنولوجيا الصحية والاستثمار الطبي.
وذكرت أن توافر العمالة الطبية والفنية الماهرة ارتفع بفضل زيادة عدد الكليات والمعاهد المرتبطة بالتكنولوجيا الصحية، مما أدى إلى زيادة عدد الخريجين بنحو 125% بين 2014 و2023. وتؤكد هذه التطورات تعزيز فرص تحقيق هدف الدولة بارتفاع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.5% بحلول 2030. وتُعد هذه النتائج جزءاً من جهود الدولة لبناء نموذج اقتصادي يقوم على الإنتاج المعرفي والتكنولوجيا الصحية ويعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للاستثمار الصحي.


