أظهرت دراسة شملت مئات العدّائين أن جودة النوم تشكل عاملًا خفيًا يزيد احتمال الإصابة المرتبطة بالجري، بعيدًا عن العوامل الشائعة مثل الأحذية أو زيادة المسافة بشكل مفاجئ. إذ وجد الباحثون أن من ينامون ساعات أقل أو يعانون اضطرابًا متكررًا ليلاً يواجهون احتمالًا أعلى للإصابة خلال عام واحد من التدريب. اعتمدت النتائج على استبيانات دقيقة حول ساعات النوم والاضطرابات الليلية والإحساس بالنشاط عند الاستيقاظ. أشار التحليل إلى وجود أربع فئات نمطية للنوم لدى العدّائين، تعكس اختلافات في الكفاءة والانتظام والراحة.
قسم فريق الدراسة المشاركين إلى أربع فئات تعكس أنماط النوم المختلفة. النوم المنتظم هو الأكثر شيوعاً بين العينة، حيث يحقق الشخص سبع ساعات أو أكثر من النوم وجودة عامة جيدة، وهذا الوضع يربط بانخفاض واضح في مخاطر الإصابة. قلة النوم تشمل من ينامون ساعات أقل وتظهر عليهم اضطرابات نوم واضحة، وتعتبر هذه المجموعة الأكثر عرضة للإصابة. النوم عالي الكفاءة يشمل أفراداً ينامون مدة مشابهة للمجموعة الأولى لكن جودة النوم لديهم أعلى ويستيقظون بنشاط، بينما يعاني أفراد النوم المتقطّع من وجود استيقاظات متكررة رغم طول مدة النوم مما يقلل من الاستفادة الحقيقية من النوم.
وتبيّن أن الإصابات خلال العام السابق كانت شائعة بين نحو 60% من المشاركين. لكن الأعلى إشعاراً هو أن فئة قلة النوم سجلت احتمالات إصابة بلغت نحو 68%، وهي نسبة تفوق المجموعات الثلاث الأخرى بشكل واضح. وأوضح الباحثون أن هذه النتائج تبرز فروقاً في قدرات التعافي والتنسيق الحركي والالتهاب في أوقات النوم المختلفة. كما لفتوا إلى أن اختلاف أنماط النوم يعكس تأثيراً مباشراً على الأداء العام للعدّائين وعلى مخاطر الإصابات.
أسباب رفع النوم للخطر
على الرغم من أن العلاقة ليست حتمية بالضرورة، يوضح العلماء عدداً من المحاور بيولوجية وسلوكية تفسر زيادة المخاطر. يساهم نقص التعافي العضلي عندما لا يوفر النوم مرحلة النوم العميق التي يفرز خلالها هرمون النمو، وهذا الهرمون أساس في إصلاح الأوتار والأنسجة. كما يرفع السهر الالتهاب داخل الجسم، مما يجعل العضلات أكثر عرضة للإجهاد والتمزق. إضافة إلى ذلك، يقلل قلة النوم من اليقظة الذهنية والتنسيق الحركي، فتصبح الأخطاء المحتملة أثناء الجري أكثر احتمالاً، وتزداد احتماليات التحميل غير الصحيح على المفاصل والأوتار. كما أن انخفاض عتبة الألم يؤدي إلى الشعور بالألم بشكل أسرع، ما قد يدفع إلى تعديل غير واعٍ في أسلوب الجري.
هل تفيد القيلولة؟
تشير الأدلة إلى أن القيلولة يمكن أن تعيد جزءاً من التعافي المفقود خلال الليل. فالقيلولة القصيرة نحو 20 دقيقة تكون مفيدة قبل التمارين التي تتطلب سرعة اتخاذ القرار، بينما تسمح القيلولة الأطول — حتى 90 دقيقة — بإكمال دورة نوم كاملة وتساهم في إصلاح العضلات قبل الحصص الشاقة.
هل ينبغي تجنب الجري بعد ليلة سيئة؟
لا تعتبر ليلة من السهر سبباً كافياً لإلغاء التدريب، لكن تكرار اضطراب النوم أو تراجع جودته فجأة قد يشير إلى عدم توازن بين الجهد والتعافي. قد يتطلب الأمر تقليل شدة التمارين أو تطبيق قواعد نظافة النوم أو استشارة مختص عند ظهور علامات مثل الأرق أو توقف التنفس أثناء النوم.
كيف تعرف أنك تنام بما يكفي؟
يحدد الجسم عادةً المدى الذي يحتاجه من النوم، واليوميات الشائعة تشير إلى سبع إلى تسع ساعات للغالبية. لاختبار ذلك، توجه إلى النوم مبكرًا لعدة أيام، فإذا استيقظت تلقائيًا قبل المنبه فربما تكون قد حصلت على الكمية المناسبة. إن شعورك بالنشاط خلال النهار وافتقادك للنعاس قبل النوم يعدان مؤشرَين عمليين على كفاية النوم لديك.


