تشهد الفترة الحالية تقلبات مناخية مع قرب الشتاء، وتواجه المناعة تحديًا فريدًا بسبب الرياح الباردة والضباب الدخاني وتذبُّب درجات الحرارة. قد يشعر حتى الأكثر صحةً منّا بالإرهاق مع تقلب الطقس وتزايد الالتهابات الموسمية، وتُظهر الأبحاث أن التغذية الشتوية المدروسة يمكن أن تعزز الطاقة وتدعم المناعة. يوصي المختصون بتناول أطعمة غنية بالفيتامينات والمعادن بشكل يومي للحفاظ على الاستعداد الدفاعي للجسم خلال الأيام الباردة.

فيتامين سي.. درعك الطبيعي

الحمضيات من البرتقال والليمون إلى الجوافة من المصادر الشتوية القوية لفيتامين سي، فهي تعزز نشاط خلايا الدم البيضاء وتُعزّز الدفاعات الطبيعية للجسم. وقد أظهر تحليل تلوي نُشر عام 2022 في Frontiers in Immunology أن تناول فيتامين سي بانتظام يقلل بشكل ملحوظ من مدة ونَسَب شدة نزلات البرد لدى البالغين. لتعزيز هذه الفائدة، قد يبدأ الشخص يومه بشرب الماء الدافئ مع شرائح الليمون أو إضافة شرائح البرتقال الطازجة إلى السلطة ليمنح الجسم جرعة يومية من فيتامين سي. عند اختيارها، تُفضل الفواكه التي تُقدم الفيتامين بشكل كامل وطازج، مع الحفاظ على النكهة والطاقة.

الخضروات الورقية لتعزيز قوة الخلايا

الخضروات الورقية مثل السبانخ وأوراق الخردل والنعناع ليست مجرد أطعمة مريحة، بل هي مصادر غذائية تدعم صحة الخلايا، فهي غنية بفيتامينات A وC وحمض الفوليك وتساهم في تعزيز إنتاج الخلايا المناعية وتحسين صحة الجلد والعينين. وجدت دراسة أجريت في 2023 من كلية Harvard T.H. Chan للصحة العامة أن الأنظمة الغذائية الغنية بالخضراوات الخضراء ترتبط بتعزيز ميكروبيوم الأمعاء وتخفيف مؤشرات الالتهاب، وهو ما ينعكس إيجابًا على قدرة الجسم الدفاعية. كما أن تعزيز استهلاك هذه الخضروات يساعد في تزويد الجسم بالمواد المحفزة للطاقة خلال الشتاء.

الخضروات الجذرية للإصلاح والإشراق

الخضراوات الجذرية مثل الجزر والبطاطا الحلوة والبنجر والفلفل الأحمر غنية ببيتا كاروتين التي تتحول إلى فيتامين أ في الجسم، وتلعب هذه المادة دورًا رئيسيًا في الحفاظ على صحة الأغشية المخاطية كمجال دفاع أول ضد المسببين المرضيين. يفضّل تحضيرها عن طريق الشواء أو الطبخ على البخار للحفاظ على قيمتها الغذائية وسكّتها الحلوة. أشارت دراسة نُشرت في 2021 في مجلة Nutrients إلى أن فيتامين أ يحد من مخاطر العدوى الفيروسية عبر تنظيم الاستجابة المناعية، وهو ما يجعل الخضروات الجذرية خيارًا قويًا للوجبات الشتوية.

المكسرات والبذور وفيتامين E لتعزيز المرونة

المكسرات والبذور مثل اللوز والجوز وبذور دوار الشمس توفر دفعة جيدة من فيتامين E والدهون الصحية، وهي مضادات أكسدة تُقلل الإجهاد التأكسدي وتدعم وظائف الخلايا المناعية. وتأكيدًا لأهميتها، أشارت أبحاث نُشرت في مجلة American Journal of Clinical Nutrition إلى أن فيتامين E يعزز وظيفة الخلايا التائية كجزء من دفاع الجسم المناعي. يمكن استخدام حفنة صغيرة يوميًا كوجبة خفيفة طوال الشتاء للحفاظ على طاقة الجسم واستدامة وظائف المناعة.

الأعشاب والتوابل التي تعزز الشفاء

الكركم والزنجبيل والثوم ليست مجرد توابل، بل هي حلفاء مناعة يعتمد عليهم الجهاز التنفسي، إذ تتميز بمزايا مضادة للالتهابات والبكتيريا. يضيف استخدامها في الشاي أو ضمن الأطعمة المطبوخة دعامة مناعة تدعم الاستجابة المناعية للجسم وتقلل من الالتهاب. أظهرت دراسة نُشرت في 2023 في مجلة أبحاث العلاج النباتي قدرة الكركمين على تعديل الاستجابات المناعية وتقليل الإجهاد التأكسدي، كما أن شرب الزنجبيل يساعد في تهدئة الحلق وتخفيف احتقان الجيوب الأنفية خلال أيام الشتاء العصيبة بالضباب الدخاني.

الفواكه الموسمية لفيتامين د ومجموعة فيتامينات ب

على الرغم من أن أشعة الشمس تبقى المصدر الرئيسي لفيتامين د، فإن الأطعمة المدعمة بفيتامين د مثل منتجات الألبان والبيض تساهم في تعويض النقص في الشتاء كما أنّ الحليب والجبن والحبوب الكاملة توفر فيتامينات من مجموعة ب لتدعيم التمثيل الغذائي وزيادة الطاقة. ومع انخفاض التعرض لأشعة الشمس، يظل التنويع في الغذاء أمرًا مهمًا لإبقاء المناعة نشطة وتوفير الطاقة اللازمة للأنشطة اليومية. لا يوجد غذاء خارق يرفع المناعة بين عشية وضحاها، بل تبقى المرونة من خلال الغذاء المتوازن والراحة الكافية والالتزام بنمط حياة صحي خلال الشتاء.

شاركها.
اترك تعليقاً