أعلن فريق من الباحثين في جامعة بنسلفانيا، وبالتعاون مع هيئات ومعاهد بحثية مختصة، أن الطيور البرية أصبحت عوامل رئيسية في انتشار فيروس إنفلونزا الطيور H5N1 شديد الإمراض في أمريكا الشمالية. وتبين أن هذه الفيروسات تنتشر بشكل مستمر عبر الطيور البرية وتساهم في تفشّي الإنفلونزا في الولايات المتحدة. وتناولت الدراسة آليات دخول هذا الفيروس وانتشاره ضمن القارة الشمالية، مع تحليل لمسارات الهجرة الخاصة به.
نمط انتشار الفيروس
منذ أواخر عام 2021 تسبب الفيروس شديد الإمراض في موجة تفشٍ واسعة أثّرت في الثروة الحيوانية وتحدى إجراءات إعدام الدواجن المعتمدة. ورغم ذلك، تستمر الفيروسات في إصابة أنواع عديدة بما فيها الطيور البرية والثدييات التي كانت قليلة الإصابة سابقًا، مما يشير إلى تغيير واضح في نمط الانتقال منذ عام 2022. وتؤكد النتائج أن الاعتماد على إعدام الدواجن وحده لم يعد كافيًا للسيطرة، بل أصبح من الضروري تبني إجراءات إضافية ومتكاملة.
كما أظهرت الدراسة أن الصورة في أمريكا الشمالية اختلفت عن التفشيات السابقة، حيث ارتبط الانتشار عادة بالطيور البرية في مسارات هجرتها أكثر من ارتباطه بالدواجن. وتوضح البيانات أن طيور الأنسيريفورم، وهي البط والإوز والبجع، لعبت دورًا رئيسيًا في النقل عبر القارات. وتشير أيضاً إلى أن التحول نفسه حدث في أوروبا قبل عامين وتكرر هنا في 2022، ما يعكس تغيرًا عالميًا في مسارات الانتشار.
تفاصيل الدراسة والمنهج
تفاصيل الدراسة تشير إلى الاعتماد على قواعد بيانات عامة من وكالات كندية متعددة، إضافة إلى بيانات وزارة البيئة الكندية وخدمات الصحة العامة الكندية ومركز صحة الحياة البرية الكندي وخدمة تفتيش الصحة الحيوانية والنباتية الأمريكية، وتتبع الباحثون إدخال وانتشار فيروس H5N1 خلال 18 شهرًا الأولى من الوباء باستخدام التسلسل الجيني وتحليل مسارات الهجرة. وتؤكد النتائج أن هذا الوباء كان مختلفًا عن التفشيات السابقة، حيث انتشر بشكل رئيسي عبر الطيور البرية المهاجرة. وتوضح أن طيور الأنسيريفورم لعبت دوراً حيوياً في النقل بين المناطق من خلال الهجرات الموسمية.
وجدت الدراسة أن تفشي الفيروس في المناطق الزراعية كان نتيجة للدخول المتكرر من الطيور البرية، كما أصيبت طيور الفناء الخلفي التي يقل عددها عن ألف طائر قبل تسعة أيام تقريبًا من إصابة الدواجن التجارية. وهذا يشير إلى أن هذه المجموعات تشكل إشارات إنذار مبكر عندما تقترب العدوى من المزروعات والقطيع. كما أكدت الدراسة أن هذه المجموعات تمتاز بخصائص وبائية مختلفة وتتيح فرص تزاوج أكبر مع التواجد في بيئة مفتوحة، ما يجعل انتقالها عبر الطيور البرية المهاجرة تحديًا إضافيًا. وتوصي النتائج بمواصلة الاستثمار في الأمن الحيوي ومراجعة إمكانية تطوير حماية من خلال تطعيم الدواجن وتدابير منع تفاعل الطيور البرية مع المزارع.


