نجحت البعثة الصينية في تنفيذ مهمة تاريخية للوصول إلى الجزء الشرقي من سلسلة غاكل البركانية المغمورة تحت المحيط المتجمد الشمالي باستخدام الغواصة المأهولة “فندوتشه” التي نفذت أكثر من 40 غوصة في أحد أكثر المواقع انعزالاً وصعوبة على كوكب الأرض، على عمق تجاوز 5,200 متر.
يُعَد هذا الموقع واحداً من آخر المناطق الجيولوجية التي لم تُرسم خرائطها بعد، إذ ظل محجوباً تحت طبقات الجليد لآلاف السنين، وفقاً لـ Daily Galaxy.
يعتقد العلماء أن هذا الإنجاز قد يفتح باباً لفهم جديد لتكوّن أعماق البحار، خصوصاً في مناطق الانفتاح الصفائحي البطيء للغاية.
نُفذت المهمة بتنظيم من وزارة الموارد الطبيعية الصينية والأكاديمية الصينية للعلوم، مع دعم الغواصة بكاسحة جليد قطبية لتأمين عملياتها المعقدة في المياه المتجمدة.
وبحسب مجلة Nature، هذه هي المرة الأولى على الإطلاق التي يصل فيها فريق مأهول إلى هذا الجزء من السلسلة.
حتى اليوم، لم تجرِ سوى مسوحات روسية محدودة من دون أي عمليات مباشرة، مما يجعل ما أنجزته الصين خطوة فريدة في تاريخ الاستكشاف القطبي.
جمع العلماء عينات من الصخور ومياه الأعماق وأحياء بحرية لم يسبق الوصول إليها في هذا الجزء من المحيط، وهو ما وصفته البعثة بأنه جزء من “العالم غير المرئي”.
وقالت العالمة شياوشيا هوانغ، قائدة البعثة، إن ما توصلوا إليه يمثل آخر قطعة مفقودة من اللغز الجيولوجي في القطب الشمالي.
فتحــات حرارية
ركز العلماء بشكل خاص على احتمال وجود فتحات حرارية مائية أو شقوق في قاع البحر تطلق سوائل حارة وغنية بالمعادن، وهذه الفتحات يمكن أن تدعم أنظمة بيئية كاملة لا تعتمد على ضوء الشمس بل على الطاقة الكيميائية.
وفي حال تأكد وجود هذه الفتحات في الجزء الشرقي من السلسلة، فقد تدعم النظريات التي تقول بأن الحياة يمكن أن تنشأ في بيئات مظلمة ومعزولة، تشابه الظروف الموجودة على أقمار مثل يوروبا التابع للمشتري.
هندسة فائقة
اعتمد نجاح المهمة على تعديل الغواصة فندوتشه التي سبق أن وصلت إلى نقطة عميقة في خندق ماريانا لتلائم ظروف القطب الشمالي القاسية.
وأشاد علماء دوليون بهذا الإنجاز، مؤكدين أن استكشاف هذه المنطقة كان شبه مستحيل لسنوات طويلة.
وقال كريستوفر جيرمان، خبير الجيوكيمياء البحرية في معهد وودز هول، إن الوصول إلى هناك شديد الصعوبة، لذا فكل اكتشاف جديد يمثل خطوة كبيرة ومثيرة.
من جهة أخرى، اعتبر إلما ألبرس، الباحث في معهد ألفريد فيغنر الألماني، أن البعثة ستفتح باباً ضخماً لفهم بيئات بحرية من الأكثر صعوبة على كوكب الأرض.


