أدوار الاستخدامات السلمية
تعلن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أن الاستخدامات السلمية للطاقة النووية تمثل ركيزة أساسية للتحول الطاقي العالمي وتستخدم إلى جانب توليد الكهرباء في مجالات الطب والصناعة والزراعة والبحث العلمي. يرتكز هذا التوجه على التقدم العلمي الذي يخدم التنمية البشرية. يؤكد التقرير أن الدول تسعى لاستغلال الطاقة النووية لفتح آفاق جديدة في الرعاية الصحية وتحسين الإنتاج الزراعي وتطوير الصناعة والبحث العلمي. كما يرى أن هذه التكنولوجيا تعزز الأمن الطاقي وتدعم الاستدامة الاقتصادية.
في مجال توليد الكهرباء، ارتفع الإنتاج النووي العالمي في 2024 ليصل إلى 2667 تيراوات/ساعة مقارنة بـ 2601 تيراوات/ساعة في 2023، بمعدل نمو 2.54%. ويمثل ذلك نحو 10% من الكهرباء المنتجة عالميًا، وهو يجعل الطاقة النووية في المرتبة الثانية بعد الطاقة الكهرومائية بين مصادر الكهرباء النظيفة. ويمتد أثره إلى تفادي نحو 70 جيغا طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال الخمسين عامًا الماضية وفق تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما يتيح الاستخدامات النووية في الطب والتشخيص والعلاج، وفي الزراعة لتحسين الإنتاج وضمان الأمن الغذائي، وفي الحفاظ على البيئة عبر رصد التلوث وتتبع مصادره، وفي الصناعة عبر مراقبة الجودة والكفاءة.
تشير تقديرات Cognitive Market Research إلى أن حجم سوق الطاقة النووية العالمي بلغ نحو 33.58 مليار دولار في عام 2024، ويتوقع أن يسجل معدل نمو مركب قدره 2.5% خلال الفترة 2024–2031. يعكس ذلك أهمية السوق وتوقعات زيادة الطلب على تقنيات النووي وتطبيقاته. تسيطر أمريكا الشمالية على الحصة الأكبر من الإيرادات بنحو 40% بقيمة 13.43 مليار دولار في 2024، وتأتي أوروبا في المركز الثاني بنسبة 30% وبقيمة 10.07 مليارات دولار، في حين تمثل منطقة آسيا والمحيط الهادي نحو 23% وبقيمة 7.72 مليارات دولار.
حتى يونيو 2025، استُخرجت بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتشير إلى وجود 421 مفاعلًا نوويًّا عاملاً حول العالم، بينما بلغ عدد المفاعلات قيد الإنشاء 63 مفاعلًا في 13 دولة. وتستأثر الولايات المتحدة الأمريكية بأكبر عدد من المفاعلات العاملة بمقدار 94 مفاعلًا، تليها الصين بـ 57، فرنسا 56، وروسيا 36 مفاعلًا، ما يمثّل نحو 59.6% من الإجمالي. تشير هذه الأرقام إلى قوة التوازن بين الدول المتقدمة والناشئة في بناء القدرات النووية وتبنيها كأداة استراتيجية في قطاع الطاقة.
بلغ عدد المفاعلات قيد الإنشاء 63 مفاعلًا في 13 دولة، وتتركز 75% منها في الاقتصادات الناشئة، وتحديدًا الصين التي تستحوذ على نحو نصف هذا العدد. وفي الشرق الأوسط وإفريقيا بلغ الاستثمار النووي نحو 65 مليار دولار في 2023، وتصدرت الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول العربية في الإنتاج النووي بنحو 31 ألف جيجاوات/ساعة في 2024، ما يعكس اهتمام المنطقة بتأمين مصادر طاقة بديلة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
التجربة الإفريقية ومصر
دخلت مصر في 2015 اتفاقاً مبدئيًا مع روسيا لبناء محطة الضبعة النووية التي تضم أربع وحدات بقدرة 1200 ميغاواط لكل منها، وتبلغ القدرة الإجمالية 4.8 جيجاوات. انطلق البناء رسميًا بصب الخرسانة للوحدة الأولى في يوليو 2022، وتلتها الوحدة الثانية في نوفمبر 2022، والوحدة الثالثة في مايو 2023، والوحدة الرابعة في يناير 2024. المفاعلات من الجيل الثالث بتصميم بسيط وآمن وتضم أنظمة أمان متعددة ووظائف تحكم آلي، مع أهداف لإنتاج كهرباء آمن ومتجدد وتطوير قطاع الطاقة في شمال إفريقيا.
تُظهر الضبعة كمنصة رائدة لتعزيز استخدام الطاقة النووية سلمية في شمال إفريقيا. يؤكد المشروع الحاجة إلى ضمان أعلى معايير السلامة النووية والشفافية والمراجعة المستمرة. تواجه الدول الناشئة تحديات تتعلق بالكلفة والتقنية والبنية التحتية ونقص الكوادر المتخصصة، وهو ما يحفز البحث عن حلول عملية.
التحديات والتوجهات الدولية
تواجه مشروعات الطاقة النووية تحديات كبيرة مثل ارتفاع تكاليف الاستثمار والحاجة إلى بنية تحتية تقنية متقدمة وإدارة النفايات المشعة وتأخر التنفيذ وتجاوز التكاليف ونقص الكوادر. للمواجهة، يشهد العالم اتجاهات تشمل المفاعلات المعيارية الصغيرة كإطار لجعل الطاقة النووية أكثر أمانًا وكفاءة، إضافة إلى ابتكارات مفاعلات الجيل الرابع والتبريد المتقدم. كما تتعزز آفاق التعاون الدولي والتكامل الإقليمي في قطاع الطاقة النووية عبر شراكات ونقل تكنولوجيا وتنسيق سياسات.
خلاصة وآفاق المستقبل
يؤكد التقرير أن الاستخدامات السلمية للطاقة النووية تمثل أحد أعمدة مستقبل الطاقة، حيث توفر توليد كهرباء مستقرًا ونظيفًا وتفتح مجالات واسعة في الطب والصناعة والزراعة والتطوير البحثي. إلا أن السلامة وإدارة النفايات والتمويل وتطوير الكفاءات البشرية تبقى التحديات الأساسية التي تتطلب تعاونًا دوليًا فعالاً. يعزو التقرير النجاح إلى تعزيز آليات الرقابة وال تعاون الدولي وتوظيف البحث والابتكار لتطوير تقنيات أكثر أمانًا وكفاءة. وعلى هذا الأساس يمكن للطاقة النووية أن تصبح ركيزة أساسية في التحول الطاقي العالمي مع ضمان أمن وسلامة المجتمع الدولي.


