يتطلب الحمل بتوائم متعددة متابعة طبية دقيقة وتغييرات جذرية في وظائف الجسم، بدءًا من الجهاز الدوري وصولاً إلى التوازن الهرموني. تشهد السنوات الأخيرة زيادة في نسبة الحالات التي تتجاوز الثلاثة أجنة داخل الرحم، وهو ما يفرض بروتوكولات متابعة أكثر تشددًا. وتختلف الاحتياجات التغذوية والسريرية وتزايد احتمالات المضاعفات بشكل كبير مقارنة بالحمل المفرد.

أسباب الارتفاع في حالات التوائم

ترجع الزيادة إلى ثلاثة مسارات رئيسة. المسار الأول يتعلق بالخصوبة الطبيعية، فبعض النساء لديهن قابلية وراثية لإطلاق بويضات أكثر في دورة واحدة، كما أن اقتراب سن الأربعين يغيّر ديناميكية الهرمونات بما يسمح بإنتاج عدد أكبر من البويضات. المسار الثاني مرتبط بالعلاج، إذ تؤدي منشطات الإباضة بجرعات مرتفعة أو غير مضبوطة إلى تحفيز المبايض لإنتاج بويضات متعددة قد تُخصب في الدورة نفسها. المسار الثالث أقل شيوعًا، لكنه يشمل انقسام البويضة إلى خلايا جنينية متعددة أو حدوث حمل جديد أثناء وجود حمل قائم.

التغير في المشهد الطبي

تشير المراجعات الحديثة إلى أن التوائم المتعددة فوق الثلاثة لم تعد ظاهرة نادرة كما كانت سابقًا، بل صارت تواجهها ممارسات الطب بشكل يومي. ويرتبط هذا التطور بعوامل بيولوجية وطبية واجتماعية متشابكة دعت إلى وضع بروتوكولات متابعة خاصة. وتساهم تقنيات الإخصاب المساعد ونقل الأجنة وتوسع استخدام منشطات الإباضة في تفاقم هذه الحالات، وهو ما يستلزم خبرة متقدمة في الرعاية المتزامنة.

الأعراض والمضاعفات

تظهر أعراض الحمل المتعدد فوق الثلاثة عادة بشكل أشد وضوحًا من الحمل المفرد، بسبب ارتفاع مستويات الهرمونات وسرعة نمو الرحم. ينتج عن هذا الغثيان الأكبر والتعب المبكر وارتفاع حجم البطن بشكل أسرع، إضافة إلى ضغوط متزايدة على الظهر والحجاب الحاجز. قد ترتبط هذه الأعراض بمضاعفات مثل تسمم الحمل أو اضطرابات الكبد، لذا فإن التقييم الطبي في كل زيارة ضروري. كما يجب الانتباه إلى علامات مبكرة تشير إلى مشكلات صحية أكثر خطورة وتغطيتها في الرعاية المتابعة.

رعاية ما قبل الولادة

تقوم رعاية ما قبل الولادة على بروتوكول متابعة محكم يهدف إلى حماية الأم والأجنة. تتضمن الزيارات الطبية المتابعة بشكل مكثف كل أسبوعين في النصف الأول ثم بشكل أسبوعي ابتداء من الأسبوع 28. كما يتم تصوير كل جنين عبر فحوصات الموجات فوق الصوتية بصورة دورية للمراقبة، مع قياسات منتظمة لضغط الدم ووظائف الكلى والكبد. وتكون المكملات الغذائية مدروسة وتضم الحديد والكالسيوم وأحماض أوميجا 3، إضافة إلى متابعة دقيقة لعنق الرحم لتقويم خطر الولادة المبكرة وتحديد توقيت الولادة الذي غالباً ما يكون بين الأسبوعين 32 و36 وفق حالة الأم والأجنة.

رعاية ما بعد الولادة

بعد الولادة تنتقل الأم والأطفال إلى مرحلة تحتاج إلى متابعة دقيقة. تشمل رعاية الأم مراقبة النزيف والعدوى وتوفير الدعم التغذوي لتعويض الخسائر من السوائل والدم. كما تتطلب الحالة تقديم دعم نفسي نظرًا للضغوط البدنية والعاطفية المصاحبة للأعداد الكبيرة من الأطفال. وتواجه الرعاية المعنية بالرضاعة الطبيعية تحديات خاصة، إذ قد تكون الرضاعة مع أكثر من طفل أمرًا معقدًا وتحتاج تنظيمًا وتعاونًا مع الفريق الطبي.

شاركها.
اترك تعليقاً