تعزز الشراكات الدولية في قطاع الفضاء إرثاً من البيانات والتكنولوجيا التي يمكن أن تكون خط الدفاع الأول للأرض في مواجهة التحديات الصحية الناتجة عن تغير المناخ. في ظل تقارير صحية عالمية تؤكد أن ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الطقس يهددان بتفشي الأمراض وتفاقم أزمات الغذاء والماء، بات دمج تكنولوجيا الفضاء في أنظمة الصحة العالمية ضرورة استراتيجية وليست رفاهية تكنولوجية. تُظهر نجاح الشراكات الفضائية، وأبرزها محطة الفضاء الدولية، القدرة على مشاركة البيانات العالمية إذ أتاح هذا التعاون إنشاء شبكات بيانات ومعايير تقنية موحدة، وهي أساسية لجمع ونشر معلومات المناخ والصحة عبر الحدود. كما أن تقنيات الفضاء أنتجت معاً في مجالات مثل تنقية المياه، وتصغير الأجهزة الطبية، ومواد التعقيم المعمَّقة، والتي نُقلت لاحقاً لتعزيز الرعاية الصحية على الأرض.
الاتصالات الموثوقة
توفر شبكات الأقمار الصناعية، التي بنيت عبر عقود من التعاون، قنوات اتصال موثوقة للرعاية الصحية في المناطق النائية والمتضررة من الكوارث. تظهر القيمة الحقيقية للتراث الفضائي في قدرتها على التخفيف من أخطر الآثار الصحية لتغير المناخ وتستخدم صور الأقمار الصناعية لمراقبة التغيرات في الغطاء النباتي ودرجة حرارة المياه وتوزيع البعوض، مما يسمح بالتنبؤ بانتشار أمراض مثل الملاريا والكوليرا في المناطق المتضررة من الفيضانات أو الجفاف. كما توفر الأقمار الصناعية بيانات دقيقة عن مستويات تلوث الهواء والجسيمات الدقيقة، مما يساعد السلطات الصحية على التنبؤ بموجات أمراض الجهاز التنفسي المرتبطة بتغير المناخ.
الكوارث الصحية
يمكن استخدام الاتصالات الساتلية لتمكين التطبيب عن بُعد وتقديم استشارات متخصصة للمجتمعات المعزولة أو المتضررة بعد أحداث الطقس القاسية مثل الأعاصير أو الجفاف. وتتيح بيانات الأقمار الصناعية إدارة استخدام المياه والمحاصيل بدقة، مما يقلل من مخاطر ندرة المياه والجوع، وهي عوامل رئيسية تؤثر على صحة المجتمعات. ولتحقيق أقصى استفادة، يجب أن تتطور الشراكات الفضائية لتكون جسراً دائماً بين التكنولوجيا المدارية والاحتياجات الأرضية، ويجب العمل على توحيد منصات بيانات الأقمار الصناعية مع أنظمة الإنذار المبكر للأمراض التابعة لمنظمة الصحة العالمية لضمان سرعة الاستجابة.
التمويل المشترك
يتطلب الأمر نماذج تمويل جديدة تشمل وكالات الفضاء وشركاء الصحة العالمية والمنظمات الإنسانية لضمان أن التكنولوجيا الفضائية تُكيّف لتناسب احتياجات المجتمعات الأكثر ضعفاً. كما يمكن لتجارب الفضاء على المواد المتقدمة أن تسفر عن حلول لإنتاج لقاحات أسرع وأكثر ثباتاً، أو تطوير أنظمة إمداد مياه فائقة الكفاءة.


