أعلن الدكتور دين أورنيش الأمريكي في الولايات المتحدة في أواخر السبعينيات عن أُسس دايت يدمج تغييرات شاملة في نمط الحياة بهدف تحسين صحة القلب والوظائف الإدراكية. استندت هذه الأسس إلى ملاحظات سريرية تفيد بأن تعديل نمط الحياة قد يوقف تطور أمراض القلب التاجية، بل في بعض الحالات يعكسه. يعتمد النظام على الغذاء النباتي منخفض الدهون مع تبني أساليب صحية إضافية مثل النشاط البدني وإدارة التوتر والدعم الاجتماعي. يهدف إلى توفير إطار عملي يساعد المرضى على تقليل مخاطر الأمراض المزمنة من خلال تزاوج التغذية مع نمط حياة صحي.
أساسيات الدايت
يرتكز دايت أورنيش على تناول الأطعمة النباتية الغنية بالألياف مع تقليل الدهون، مع السماح بمنتجات الألبان خالية الدسم وبياض البيض. يستبعد النظام اللحوم والأسماك والزيوت المضافة، ويعتمد على تقليل الدهون المشبعة والكوليسترول. يهدف إلى أن يستفيد القلب والدماغ من انخفاض الالتهاب وزيادة مضادات الأكسدة الموجودة في الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة. كما يركز على المرونة الحيوية للشرايين ودعم وظيفة الدماغ من خلال التغذية الصحيحة.
يؤكد الأطباء أن هذه التركيبة الغذائية تخفّض الالتهاب داخل الأوعية الدموية وتدعم مرونتها، وهو ما ينعكس إيجابًا على تدفق الدم إلى الدماغ. وبذلك يُعتبر النظام خيارًا مساعدًا للمرضى في المراحل المبكرة من الزهايمر. يساهم هذا الترتيب الغذائي في تعزيز صحة القلب وتحسين الذاكرة عبر تقليل عوامل الخطورة المرتبطة بالالتهاب والأكسدة. كما يعزز التوازن العام للجسم بما يخفف من عبء الأمراض المزمنة.
أكثر من مجرد دايت
يتميز النظام بأنه لا يقتصر على ما نأكله فحسب، بل يركز على كيفية العيش اليومية. يشجع على ممارسة الرياضة المعتدلة بانتظام مثل المشي أو اليوغا، ويولي اهتمامًا خاصًا بإدارة التوتر عبر التأمل والتنفس العميق وتمارين الاسترخاء. كما يعد التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًا من البرنامج نظرًا لأهميته في تعزيز نتائج العلاج. يساعد الدعم العاطفي المستمر في تعزيز الالتزام وتحسين النتائج الصحة العامة.
يضيف النظام إلى ذلك أهمية وضع أهداف واقعية وتقييم التقدم بشكل دوري. يلزم الالتزام بتغذية متوازنة مع نمط حياة نشط لتقليل مخاطر الالتهاب وتحسين الأداء المعرفي تدريجيًا. كما يوصى بتنسيق واضح مع مقدمي الرعاية لتجنيب الجسم نقصاً في الفيتامينات أو العناصر الأساسية. بهذا الشكل يصبح العيش وفق النظام جزءًا من روتين صحي مستدام.
المكونات الغذائية الأساسية
تشجع هذه التركيبة على تنويع الوجبات لتشمل كل ألوان الطبيعة تقريبًا، وترتكز على الحبوب الكاملة كالأرز البني والشوفان والبقوليات بأنواعها كعدس وفاصوليا. كما تركز على الخضراوات الورقية والفواكه الطازجة وتشمل منتجات الألبان منزوعة الدسم. وتدعم النكهات بالأعشاب والتوابل بدلًا من الملح والدهون أثناء الطهي. وتقلل من الاعتماد على الزيوت والحبوب المكررة والكافيين الزائد والمشروبات الكحولية مع السماح باحتياج معتدل من الشاي الأخضر.
أما الأطعمة التي ينبغي الحد منها أو تجنبها فتشمل اللحوم والأسماك والدهون المضافة والزيوت العالية والكافيين الزائد والحبوب المكررة والمشروبات الكحولية. كما يُفضل تقليل الاعتماد على الدهون المشبعة والملح والسكريات البسيطة لتعزيز صحة الأوعية الدموية. ويُسمح بكوبين من الشاي الأخضر يوميًا لاحتوائه على مضادات أكسدة مفيدة وتدعيم الوظائف الحيوية. كذلك يُنصح بترتيب الوجبات ضمن إطار يومي يساعد على الاستخدام الأمثل للطاقة والمواد المغذية.
الفوائد الصحية
تشير نتائج الدراسات إلى أن النظام قادر على خفض مستويات الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية، وتقليل ضغط الدم، وتحسين مرونة الشرايين. كما يساهم في تحسين المزاج وتقليل القلق الناتج عن الالتهاب العصبي، ويدعم فقدان الوزن بشكل طبيعي دون الاعتماد على عدّ السعرات. ويسهم في تقوية الذاكرة وتقليل مخاطر التدهور المعرفي مع التقدم في العمر. وتؤكد أخصائية التغذية أن النظام يوفر توازنًا غذائيًا دقيقًا بين الألياف والمغذيات النباتية، مما يعزز صحة الخلايا العصبية ويحميها من التلف التأكسدي المرتبط بالشيخوخة.
التحديات المحتملة
رغم فوائده، قد يواجه بعض الأشخاص صعوبة في التكيف مع نمط الحياة قليل الدهون، خاصة أولئك الذين اعتادوا على تناول اللحوم أو الأطعمة المقلية. قد يؤدي الارتفاع المفاجئ في الألياف إلى اضطرابات هضمية مؤقتة مثل الانتفاخ والغازات، لذا يوصى بالتدرج في زيادة الألياف مع استشارة المختص. كما يوجب النظام متابعة الطبيب أو أخصائي التغذية لتفادي نقص في فيتامينات مثل B12 وأحماض أوميغا-3 مع الالتزام بتدريجية التطبيق. تساعد هذه الخطوات في تعزيز فرص النجاح وتجنب الآثار الجانبية المؤقتة.
خطوات عملية للبدء
ينصح المبتدئون بتقليل الدهون المشبعة وزيادة الخضراوات في الوجبات اليومية مع استبدال البروتين الحيواني بالبقوليات ومنتجات الصويا. يمكن إعداد جدول أسبوعي للوجبات الصحية لتقليل الارتباك وتسهيل الالتزام، مع تخصيص وقت للنشاط البدني اليومي. كما ينبغي تعزيز الالتزام عبر التواصل مع الأصدقاء أو مجموعات الدعم وتحديد أهداف واقعية. يوصى أيضًا بمراجعة مختص تغذية لتعديل النظام وفق الاحتياجات الفردية وتفادي نقص في العناصر الأساسية.
وبهذه الخطوات يصبح تبني النظام جزءًا من أسلوب حياة صحي مستدام، يوازن بين الغذاء والنشاط والرفاه العاطفي ويستهدف تقليل مخاطر الأمراض المزمنة مع دعم الأداء الذاكراتي والوظائف الإدراكية مع التقدم في العمر.


