يؤكد الخبراء أن النوم غير المنعش يفقد النوم قيمته الأساسية في تجديد الطاقة وتحسين القدرة الذهنية خلال اليوم. يظهر أن بعض الأشخاص يستيقظون مرهقين مع أن ساعات النوم قد تبدو كافية. ويرتبط ذلك في كثير من الأحيان بخلل في جودة النوم أكثر من عدد ساعات النوم، وهو ما يستدعي تقييمًا طبيًا أو سلوكيًا.
ماذا يحدث أثناء النوم غير المُنعش
يمر النوم الطبيعي بسلسلة دورات تتدرج من النعاس الخفيف إلى النوم العميق الذي يعيد بناء الخلايا ويقلل الالتهاب ويهيئ الدماغ ليوم جديد. حين يفقد الجسم القدرة على الدخول في مراحل النوم العميق بكفاءة، يستيقظ الشخص متعبًا، مهما طالت مدة النوم. قد يعترض الاستيقاظ القصير والمتكرر أثناء الليل دون تذكُره على استقرار الموجات الدماغية التي تميز النوم العميق، ويؤدي ذلك إلى انخفاض الفائدة الاستشفائية للنوم.
الأسباب الطبية المحتملة
هناك حالات مرضية قد تُحوّل النوم إلى فعل غير مجدٍ، منها اضطرابات التنفّس أثناء النوم، ومتلازمة النوم القهري، ومتلازمة تململ الساقين، والإرهاق المزمن، إضافة إلى الألم العضلي الليفي وبعض مضاعفات العدوى الفيروسية طويلة الأمد. في مثل هذه الاضطرابات، يتعامل الدماغ مع النوم كمهام مجزأة، فلا تستمر الدورات الطبيعية لتشعر بالراحة. ولهذا يؤكد الأطباء أن تكرار الاستيقاظ مع تعب شديد يستدعي تقييمًا طبيًا لاستبعاد الأسباب العضوية.
تأثير العوامل النفسية والبيئية
الضغط العصبي المستمر والتوتر من أكثر العوامل التي تفقد النوم عمقه، إذ يؤدي نشاط الجهاز العصبي الليلي إلى تقليل فترات الاسترخاء والدخول المتدرج في النوم العميق. كما أن الضوضاء الخفيفة أو الضوء المتسرب من النوافذ قد يحولان دون تكوين بيئة مناسبة للنوم الصحي. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر تناول كميات محدودة من الكافيين في المساء في مراحل النوم المتقدمة ويؤدي إلى إرهاق في اليوم التالي.
هل تحصل فعلًا على عدد ساعات كافٍ؟
يميل بعض الأشخاص إلى تقدير قدرتهم على العمل بنوم قليل، بينما يظهر الواقع أنهم يعيشون في حالة حرمان جزئي من النوم تشبه النوم غير المُنعش. يوصى بإجراء اختبار بسيط بإلغاء المنبّه في أحد أيام العطلة ومراقبة وقت الاستيقاظ الطبيعي. إذا استمر الجسم في النوم لساعات إضافية، فهذا يعني أن النوم المعتاد خلال الأسبوع غير كافٍ وأن الإحساس بالتعب ناجم عن تراكم الحاجة للنوم وليس عن اضطرابه.
دور الأدوية والمكمّلات
قد تُسهم أدوية النوم في تحسين القدرة على الخلود بسرعة، لكنها تسبب ما يُعرف بتأثير ما بعد النوم، وهو شعور بالثقل الذهني والدوخة عند الاستيقاظ. حتى الميلاتونين أو بعض المنتجات العشبية قد تُخلّ بتسلسل مراحل النوم، ويُنصح المرضى بمراجعة الطبيب عند الشعور بترنّح صباحي واضح. يمكن أن يكون تعديل الجرعة أو توقيت تناولها كافيًا لتخفيف المشكلة.
خطوات عملية لتحسين جودة النوم
الخطوة الأساسية هي الالتزام ببيئة مناسبة للنوم: غرفة هادئة بإضاءة منخفضة ودرجة حرارة معتدلة. ينبغي تقليل وقت استخدام الشاشات قبل النوم وتثبيت روتين مسائي يساعد الجهاز العصبي على الانتقال التدريجي من اليقظة إلى النوم. كما أن النشاط البدني المنتظم خلال اليوم عامل مساعد، إضافة إلى تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق والتأمل وتمارين الإطالة.
متى يجب استشارة الطبيب؟
إذا استمر الشعور بالتعب لأيام متتالية رغم الالتزام بنمط حياة صحي، أو ظهرت أعراض مثل الشخير العالي أو توقف التنفس أثناء النوم، فإن هذه مؤشرات تستدعي فحصًا طبيًا. يساعد التشخيص المبكر في تقليل تأثير الاضطراب على الذاكرة والتركيز والصحة العامة، ويعيد للنوم وظيفته كوسيلة لتعافي الجسم والعقل. كما أن الاستقصاء الطبي يهدف إلى تحديد الأسباب بدقة ووضع خطة علاج مناسبة.
خطوات تستعيد بها نشاطك
يتيح التحكم في العوامل المسببة للنوم غير المُنعش فرصتك لاستعادة القدرة على التركيز والشعور باليقظة. من خلال تنظيم نمط الحياة وتجنب المؤثرات التي تعرقل النوم ومراجعة العادات اليومية ومعالجة أي حالات طبية مرتبطة، يمكن أن يتحول النوم من تجربة مرهقة إلى مصدر للطاقة. الالتزام بخطوات منظمة يساعد في إعادة النوم إلى وظيفته كآلية تعافي للجسم والعقل.


