أعلن الدكتور علي عبد النبي، نائب رئيس هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء الأسبق، أن تركيب وعاء الضغط للمفاعل الأول في محطة الضبعة يمثل حدثاً تاريخياً ونقلة نوعية ومعنوية هائلة. وقال إن هذه النقلة تؤكد أن التقدم المحقق لم يكن ليحدث لولا وجود إرادة سياسية حاسمة. وشدد على أن هذا الإنجاز يعكس التزاماً جامعاً من القيادة والدولة بخطوات واضحة نحو مشروع نووي متكامل. وأشار إلى أن التقدم الذي تحقق يثبت قدرات مصر على المضي قدماً في مسار إنتاج الطاقة النووية وفق جدول زمني محدد.
إرادة سياسية حاسمة
قال الدكتور عبد النبي إن الانطلاق الفعلي للمشروع كان في 19 نوفمبر 2015 عندما توفرت إرادة سياسية حقيقية وجادة لتنفيذه. أشار إلى أن محاولات سابقة جرت في عهدي الرئيسين السابقين وبقيت عقبات كثيرة عبر عقود. ووصف المشروع بأن 99% منه يعتمد على السياسة، فبوجود الإرادة تتحقق الإنجازات كما حدث في بناء السد العالي. وأوضح أن الغرب لم يقدم مساعدة ملموسة، لكن القيادة السياسية الحالية وفرت الدعم والبيئة اللازمة للمضي قدماً.
عرض روسي غير مسبوق
لفت الدكتور عبد النبي إلى أن روسيا هي التي عرضت بناء المحطة على مصر وليس العكس، وذلك بعدما لمس وجود إرادة سياسية واستقرار في البلاد. وأكد أن العرض الروسي كان استثنائياً وغير مسبوق عالمياً، حيث قدم بوتين قرضاً بقيمة 25 مليار دولار يمثل 85% من تكلفة المشروع. واعتبر ذلك دليلاً على الثقة الكبيرة بين القيادتين المصرية والروسية. وأشار إلى أن هذا الدعم يعكس التزام روسيا بالتعاون الاستراتيجي مع مصر وتوثيق العلاقات بين البلدين.
أبعاد تقنية واقتصادية
شرح أن وعاء الضغط هو قلب المفاعل الذي يحوي الوقود النووي، وبتركبيه تكون المحطة جاهزة لاستقبال الوقود والبدء بالعمل وفق الجدول المخصص. وأوضح أن تصنيع هذا الوعاء عادة يستغرق ثلاث سنوات، ولكنه أُنجز في مدة أقصر ما يعكس تقدماً مضاعفاً في التنفيذ والتزاماً واضحاً بالجدول الزمني. وأشار إلى أن سوق الوقود النووي عالمياً يظل مستقراً مقارنة بأسواق النفط والغاز المتقلبة. كما أشار إلى أن تكلفة شحنة الوقود التي تغذي المحطة لمدة عام ونصف تبلغ نحو 60 مليون دولار، بينما تكلف تشغيل المحطة بالغاز لنفس الفترة نحو 600 مليون دولار، مما يظهر وفراً اقتصادياً كبيراً.
كوادر وخبرات للمستقبل
اختتم الدكتور علي عبد النبي بأن مشروع الضبعة سيخلف جيلاً جديداً من الكوادر المصرية المدربة على أعلى مستوى، حيث يعمل في المشروع نحو 30 ألف عامل وتشارك فيه 4 شركات مصرية كبرى. وأكد أن الخبرات المكتسبة ستؤسس لشركات استشارية وإنشائية وخدمية جديدة، وستفتح أفقاً لسوق عالمي في المجال النووي. كما أشار إلى أن هذا المشروع يمثل ضمانة حقيقية لمستقبل مصر التكنولوجي والاقتصادي من جهة تعزيز الأمن القومي في مجال الطاقة. وتتم الإشارة إلى أن هذه التجربة ستدعم الصناعة الوطنية وتفتح مجالات صناعية وتكنولوجية متقدمة كالصناعات الفضائية والصواريخ.


