حقق فريق ألماني خطوة تاريخية في عالم الفضاء، بعدما تمكن قمر صناعي من إعادة توجيه نفسه بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي، دون تدخل بشري.
وقاد التجربة باحثون في جامعة يوليوس ماكسيميليان في فورتسبورغ (JMU)، وهي تمثل خطوة رائدة نحو مركبات فضائية مستقلة قادرة على اتخاذ قراراتها الخاصة في المدار.
يقف وراء هذا الإنجاز مشروع LeLaR (المُظهِر المداري للتحكم في تعلم المواقف)، الذي اعتمد على تقنيات التعلم المعزز العميق، وهو فرع من الذكاء الاصطناعي يمكّن الأجهزة من تعلم أفضل الإجراءات من خلال التجربة والخطأ.
التقنيات والمنهجية
بدلاً من الاعتماد على أوامر مسبقة أو التحكم الأرضي المباشر، تعلّم القمر الصناعي InnoCube حساب وتنفيذ مناوراته آنيا وبشكل مستقل، باستخدام عجلات رد الفعل الداخلية للتحكم في اتجاهه.
بدأ التدريب على الأرض باستخدام محاكي عالي الدقة قبل تحميل النظام على القمر الصناعي، وخلال الاختبارات في المدار، أُعطي القمر اتجاها مستهدفا وتمكن من الوصول إليه بشكل مستقل.
وقد تكررت التجربة عبر عدة دورات مدارية بنجاح، ما أثبت متانة وكفاءة نموذج الذكاء الاصطناعي في ظروف حقيقية.
وصف الباحث توم بومان، عضو فريق LeLaR، الاختبار بأنه “خطوة هامة لتطوير أنظمة التحكم المستقلة في الأقمار الصناعية”، مضيفا أن هذا النجاح يؤكد قدرة الذكاء الاصطناعي على تنفيذ مناورات دقيقة في الفضاء الواقعي، وليس مجرد المحاكاة على الأرض.
يمثل هذا الإنجاز تحولا فلسفيا أيضا في دور المهندسين، من التحكم المباشر في المركبات إلى تصميم أنظمة ذكية قادرة على التكيف والتعلم الذاتي.
مقارنة بالأنظمة السابقة مثل “الاستهداف الديناميكي” التابع لناسا، فإن قمر LeLaR يتحكم في الاتجاه الفيزيائي للمركبة، مما يرفع درجة الاستقلالية بشكل كبير، وفقاً لـ Daily Galaxy.
فوائد هذه التقنية عملية بامتياز؛ فهي تقلل الاعتماد على الاتصالات الأرضية المستمرة، وتتيح استجابة أسرع للظروف غير المتوقعة، من تجنب الحطام إلى إعادة معايرة الأنظمة، كما يمكنها التكيف مع تغيّرات الإشعاع الشمسي أو أعطال الأجهزة، ما يقلل التكاليف والمخاطر في مهمات الفضاء العميق.
وقال البروفيسور سيرجيو مونتينيغرو، “نحن أمام بداية عصر جديد من الأقمار الصناعية الذكية، المستقلة، والمتكيّفة”، وهو ما يمهد الطريق لمستكشفات بين الكواكب تعمل بشكل مستقل، من المريخ إلى الكويكبات، دون رقابة بشرية مستمرة.


