أعلن المستشار أحمد سعيد خليل، رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أن الملتقى السنوي لمديري الالتزام في المصارف العربية أصبح محطة رئيسة تتلاقى فيها الرؤى والخبرات لتعزيز منظومة الامتثال ومكافحة الجرائم المالية في المنطقة العربية. وأشار إلى أن انعقاد اللقاء في مدينة شرم الشيخ يضفي عليه قيمة خاصة كمدينة السلام والتعاون التي احتضنت فعاليات إقليمية ودولية كبرى. كما أكد أن هذه المكانة تعزز فرص تبادل المعارف وتطوير آليات العمل بين الجهات المعنية في الدول العربية.
تطور الجرائم وأساليبها
تحدث خلال كلمته عن التطورات المتسارعة في البيئة المالية العالمية التي تفرض مسؤوليات وتحديات أكبر على الجهات المعنية. وأوضح أن السنوات الأخيرة شهدت تطوراً ملحوظاً في أساليب وأنماط ارتكاب الجرائم المالية، الأمر الذي دفع مجموعة العمل المالي إلى تحديث منهجيتها خصوصاً فيما يتعلق بتقييم المخاطر وتعزيز الفهم المشترك لها وإدارتها بما يتوافق مع المتغيرات التكنولوجية وأساليب الجريمة المستحدثة. وأضاف أن الدورة الحالية تكتسب أهمية خاصة لكونها تسلط الضوء على التوجهات العالمية الراهنة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتناقش سبل دعم الامتثال لقطاع المصارف العربي لهذه التقدم.
التكنولوجيا والامتثال
أوضح خليل أن توظيف التكنولوجيا المالية الحديثة أصبح أحد أهم مفاتيح المستقبل. فالذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، وتقنيات تتبّع المعاملات لم تعد مجرد أدوات مساعدة فحسب، بل أصبحت عناصر أساسية في منظومة الامتثال. وهي تعزز قدرة المؤسسات على رصد الأنماط المشبوهة والتنبؤ بالمخاطر بصورة أكثر سرعة ودقة، بما يسهم في رفع كفاءة الإجراءات وتقليل تكاليف الامتثال. وفي الوقت ذاته، لا يمكن تجاهل أن التطور التكنولوجي يحمل مخاطر قد يستغلها المجرمون، ما يستلزم موازنة دقيقة بين تسخير هذه التقنيات وضمان استخدامها ضمن إطار آمن ومسؤول.
التوجهات الدولية والتشريعات
أشار خليل إلى الوعي الدولي بهذه التحديات، فؤكّد أن الأمم المتحدة في محافلها تؤكد أهمية الذكاء الاصطناعي في دعم جهود مكافحة الجريمة. وشدّد تقرير الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة على ضرورة تسخير التكنولوجيا لتسهيل الوصول إلى المعلومات القانونية وتعزيز النزاهة والشفافية والمساءلة في الإجراءات الجنائية. كما دعت قرارات مجلس الأمن الدول إلى الاستفادة من التقنيات المالية والتنظيمية الحديثة لتعزيز الشمول المالي ودعم التنفيذ الفعّال لتدابير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
الأطر التنظيمية والإنفاذ محليًا
وفي إطار هذا السياق، أصدرت مجموعة العمل المالي وثيقة تتضمن حزمة من الإجراءات المقترحة لتعزيز الاستخدام الآمن والمسؤول للتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وتشمل هذه الإجراءات دعم القطاعين العام والخاص في التطبيق الفعّال والقائم على المخاطر لمعايير المجموعة، وتسليط الضوء على دور التكنولوجيا في تعزيز الشمول المالي، بالإضافة إلى دعم الجهود الرقابية، مع التأكيد على ضرورة توفير أطر قانونية راسخة لحماية البيانات والمعلومات عند استخدام هذه التقنيات.
التشريعات المصرية والتطور التشريعي
اعتمد المشرع المصري نهجاً استباقياً لمواكبة التطورات المتسارعة في مجال التكنولوجيا المالية وضمان عدم إساءة استخدامها في الجرائم المالية، إذ أصدرت جمهورية مصر العربية عدة تشريعات مهمة بهذا المجال. كما تحرص أجهزة الدولة على تسخير التكنولوجيا الحديثة في دعم جهود مكافحة الجرائم المالية بما يتوافق مع الأطر القانونية المنظمة. وتؤكد هذه الإجراءات على ضرورة وجود أطر لحماية البيانات عند تطبيق التقنيات الحديثة.
الشمول المالي والتعاون المحلي
أما الشمول المالي فركيزة أساسية لتعزيز نزاهة النظام المالي. فكلما توسيع نطاق الخدمات المالية الرسمية ووصلت إلى الفئات الأقل دمجاً في الاقتصاد، انخفض الاعتماد على القنوات غير الرسمية التي قد تستغل في الأنشطة غير المشروعة. ومن هنا يأتي دور المؤسسات المالية في تصميم منتجات مالية آمنة وسهلة الاستخدام تلائم احتياجات مختلف شرائح المجتمع، بما يسهم في دعم الاستقرار المالي وكفاءة منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأكد على أن نجاح منظومة المكافحة يعتمد على عمق وفعالية التعاون المحلي بين جميع أطراف المنظومة، فالنسيق بين وحدات المعلومات المالية والجهات الرقابية والقطاع المصرفي وسلطات إنفاذ القانون يكوّن جبهة موحدة لمواجهة الجرائم المالية بأسلوب أكثر فاعلية وشمولاً. وتبادل المعلومات في الوقت المناسب وتوحيد الجهود وتكامل الأدوار يمثل حجر الأساس لبناء منظومة وطنية كفؤة قادرة على التصدي للمخاطر المتنامية.


