صعوبات الوصول إلى التشخيص
تبدأ رحلة تشخيص اضطراب طيف التوحد غالبًا قبل الوصول إلى التشخيص نفسه بسنوات. تواجه الأسر تحديات طويلة ومجهدة وتكاليف باهظة، حيث يتنقلون بين مراكز متعددة واختبارات معقدة وتقاير متناقضة تثير القلق بدلًا من التطمين. كما تفتقر الموارد المتاحة إلى العربية وتظل أدوات المتابعة مشتتة بين الجهات المختلفة.
وتزداد المعاناة مع قلة الاختبارات المتاحة بلغات مفهومة للجميع، فمعظم الاختبارات موجودة باللغة الإنجليزية. وهذا يجعل التقييم ليس مجرد إجراء طبي فحسب، بل تجربة غربية لغوية وثقافية للأسر. ترتفع مخاوف التأخر في العلاج وتعرقل الرعاية اليومية بسبب هذه العقبات.
دفعت هذه المعطيات المطورين والباحثين إلى التفكير في حلول جديدة تيسر الوصول إلى التشخيص والمتابعة وتنسيق الخدمات، خصوصًا في المجتمعات العربية. وتبرز أمثلة على مبادرات تقنية تسعى إلى تقديم أدوات ومعلومات باللغة المحلية لتسهيل الرحلة، من التشخيص إلى المتابعة. وتبقى الحاجة إلى رعاية مستمرة وموارد ميسورة خيارًا حاسمًا للأسر في هذه الفترة.
من أطلق منصة سند؟
أطلق محمود سليمان، طالب هندسة البرمجيات في جامعة أبوظبي، فكرة سند كمنصة تدعم أسر الأطفال المصابين بالتوحد في رحلتهم. انطلق المشروع من قاعة دراسية في أبوظبي وتبلورت الفكرة إلى تطبيق عملي يهدف إلى تسهيل التشخيص والمتابعة. اختير سند ضمن 100 مشروع مشارك في معرض حلول دبي للمستقبل لعام 2025 من بين أكثر من 3000 ابتكار قدمته 120 دولة.
ولخص سليمان أن التحديات في الشرق الأوسط تجعل الوصول إلى التشخيص صعبًا، إذ يتنقل الأهالي بين أماكن عدة ويدفعون مبالغ كبيرة، كما أن الاختبارات غالبًا ما تكون باللغة الإنجليزية. في سند وفرنا التشخيص لأول مرة باللغة العربية وبالتعاون مع أخصائيين متخصصين.
يؤكد الإشراف الأستاذ مراد الرجاب من جامعة أبوظبي أن المنصة تحظى بإشراف علمي وتوجيه تقني مستمر، وتطورها مع كل نقلة تقنية وصلت إليها المنصة. وتُشير التجربة الأولى مع مدارس مختصة إلى زيادة الاهتمام وتوسع التطبيق ليشمل مزيدًا من المؤسسات التعليمية.
كيف تعمل منصة سند؟
تستخدم سند أدوات وتطبيقات على الهاتف المحمول يمكن استخدامها في المنزل والمدرسة والعيادة. توفر تشخيصًا علميًا دقيقًا باللغة العربية وبنفقات منخفضة مقارنة بالاختبارات التقليدية. كما تستخدم المنصة تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل كلام الطفل إذا توفر، وتقييم قدرته على بناء الجمل وعدد الكلمات وتفاعل الطفل مع المحيط.
إذا لم يتكلم الطفل أحيانًا، يعتمد النموذج على تفاعل الأهل وسلوك الطفل معهم ليخلص إلى تقييم. كما تدعم المنصة اختبارًا عالميًا معتمدًا لتشخيص التوحد، وهو عادة مكلف ويُجرى وجهًا لوجه، لكنها متاحة بالعربية وبأتمتة كاملة، وتصل دقة التشخيص إلى نحو 99٪.
مزايا أدوات سند
توفر المنصة ألعابًا حركية تشجع الطفل على التفاعل وتساعده على الحركة واستخدام اليدين والعينين. والألعاب ليست ترفيهية فحسب بل هي أدوات تقييم معرفي واجتماعي وحركي تشمل التعرف على الأشياء والألوان والتوجيه ومواقف اجتماعية يومية. كما تتيح المنصة تسجيل الأداء وتحويله إلى تقارير يسهل تحليلها من قبل الأخصائيين وتحديد المهارات المستهدفة.
الإنجازات والتطلعات
يشرف على المشروع الأستاذ مراد الرجاب من جامعة أبوظبي ويشارك في توجيه التطوير التقني والعملي للمنصة. بدأت التجربة الأولى في مدرسة زايد العليا مع طلاب التوحد وتأخر النمو ومتلازمة داون، ونتج عنها اهتمام متزايد بتوسيع التطبيق. وتؤكد التجربة نجاحًا مبدئيًا في جمع البيانات وتسهيل العمل على الأخصائيين والمدرسة.
حصل سند على منحة بحثية بقيمة 50 ألف درهم من مبادلة. وفاز بالمركز الثالث في مسابقة مايكروسوفت. كما أبرم تعاونًا مع صندوق الوطن وحقق المشروع المركز الأول داخل جامعة أبوظبي. يأمل فريق سند أن يصبح منصة عربية موحدة تدعم اضطرابات متعددة وتبسط إجراءات التشخيص والعلاج والمتابعة، ويسعى إلى توسيع الوصول ليشمل مدارس ومراكز إضافية في العالم العربي، مع تأكيد الهدف النهائي في تخفيف أعباء الأسر وتسهيل حياة الأطفال والمجتمعات المحيطة بهم.


