أسباب ارتفاع السرطان بين الشباب

تشير التقارير إلى ارتفاع كبير في معدلات السرطان بين الشباب خلال السنوات الأخيرة، وتتركز معظم الحالات بين أواخر العشرينات وأوائل الثلاثينات. يلاحظ الخبراء أن العوامل الوراثية والبيئية تلعب دوراً رئيسياً، لكنها لا تفسر الارتفاع وحدها. يربط الباحثون بين نمط الحياة العصرية وعوامل أخرى تزيد المخاطر، مثل الاعتماد على الأطعمة فائقة المعالجة ونمط الحياة المستقر. كما يؤكدون أن هذه العوامل تتفاعل مع العوامل الوراثية والبيئية وتؤثر في احتمالية الإصابة.

توضح الدكتورة بالسارا أن النظام الغذائي الحالي يستند إلى الأطعمة فائقة المعالجة والوجبات السريعة والمشروبات السكرية. وتضيف أن هذه الأطعمة غالباً ما تكون غنية بالدهون غير الصحية والسكر المكرر والملح والمواد الكيميائية التي يصعب على الجسم التعامل معها. كما تشير إلى أن نمط الحياة المستقر يضاعف المخاطر ويؤثر سلباً في الصحة الأيضية ويزيد احتمال حدوث أمراض مزمنة بما فيها السرطان.

تشير الدراسات إلى أن الاعتماد على الأغذية المصنعة يرتبط بارتفاع مخاطر أنواع سرطانية عدة، أبرزها سرطان القولون والمستقيم والبنكرياس والمعدة، وتكون هذه الأنواع ملحوظة بين الشباب. كما تظهر أدلة حديثة ارتباط الاستهلاك العالي للمعلبات بارتفاع مخاطر سرطان الثدي والرئة. وتلاحظ بيانات أيضاً زيادة حالات سرطان الغدة الدرقية والثدي والكلى وبطانة الرحم بين الأشخاص دون سن الأربعين، ما يعزز الحاجة إلى تقييم العادات الغذائية والأنماط الحياتية. ويؤكد الأطباء أن كثيراً من الشباب يتجاهلون علامات الإنذار المبكر مثل التعب واضطرابات الجهاز الهضمي وزيادة الوزن غير المبررة، ما يؤدي إلى التأخر في التشخيص.

دور الأطعمة المعالجة وآليات التأثير

تُظهر الأبحاث أن السمنة عامل خطر معروف لما يزيد عن 13 نوعاً من السرطان، وتؤدي الدهون الزائدة إلى خلل في مستويات الهرمونات وخاصة الاستروجين والأنسولين، مما يهيئ بيئةً بيولوجيةً ملائمة لنمو الخلايا السرطانية. وتساهم الدهون الزائدة أيضاً في الالتهاب المستمر وتغيرات أيضية تزيد من مخاطر الإصابة وتفاقم تقدم المرض. كما تؤكد الدراسات أن الحفاظ على وزن صحي يمكن أن يقلل من هذه المخاطر ويعزز الاستجابة الصحية للعلاج.

يرفع النظام الغذائي الغني بالدهون والسكريات الالتهاب منخفض الدرجة في الجسم، وهو عامل يدعم بدء الأورام وتطورها. إضافة إلى ذلك، يؤدي اضطراب ميكروبيوم الأمعاء الناتج عن الأغذية المعالجة إلى ضعف البكتيريا النافعة التي تنظّم المناعة وتحمي الجهاز الهضمي من التحولات المسرطنة. وتتضح أهمية صحة الأمعاء كعامل وقائي رئيسي وتأكيد على ارتباط النظام الغذائي بصحة الجهاز الهضمي بشكل عام.

علاوة على ذلك، فإن الوظائف المكتبية والاعتماد على العمل عن بُعد وقلة الحركة خلال اليوم يقود إلى نمط حياة «كسول» حتى لدى من يمارسون الرياضة بشكل منتظم، وهذا يساهم في زيادة معدلات الإصابة بين الشباب. وتؤدي فترات الجلوس الطويلة إلى ضعف التمثيل الغذائي وتغيرات في الطاقة والنشاط البدني، ما يرفع المخاطر الصحية بشكل عام. وتبرز الحاجة إلى دمج نشاط بدني مستمر وتخفيف فترات الجلوس كجزء من إجراءات الوقاية.

طرق الوقاية من السرطان

تؤكد الإرشادات على تجنب التدخين والتعرض للدخان بجميع أشكاله، بما في ذلك السجائر الإلكترونية، حيث يساهم التدخين في نحو ثلاثين في المئة من وفيات السرطان عالميًا. كما تشدد على حماية الشباب من التعرض للدخان السلبي وتدعو إلى الإقلاع عن التدخين كخطوة أساسية للوقاية. وتؤكد أن اتباع أسلوب حياة صحي يفي بتحسين فرص الوقاية ويقلل المخاطر بشكل ملحوظ.

يرتبط الوزن الصحي بالوقاية من سرطانات كثيرة، فالسمنة ترتبط بأنواع مثل الثدي والقولون والرحم والبنكرياس والكبد. لذلك توصي التوجيهات بالحفاظ على وزن مناسب من خلال توازن النظام الغذائي مع ممارسة نشاط بدني منتظم. وتؤكد أن الوزن المستقر يساهم في تقليل المخاطر وتحسين الصحة العامة بشكل مستمر.

ينصح باتباع نظام غذائي صحي يشمل الخضروات الورقية والفواكه الطازجة والحبوب الكاملة والبقوليات، مع تقليل اللحوم المصنعة والسكريات والدهون المشبعة. كما يوصى بأن يعزز ذلك النظام تناول كمية مناسبة من الماء واتباع أساليب طبخ صحية وتقليل المواد المصنعة. وتساعد هذه الممارسات في دعم الأيض والمناعة وتقليل مخاطر الإصابة بالسرطان على المدى الطويل.

يُوصى بممارسة 150 دقيقة أسبوعيًا من نشاط متوسط مثل المشي السريع، مع تعزيز نمط حياة نشط ومتنوع. وتؤدي هذه الممارسة إلى تحسين الوزن والوظائف الأيضية وتقليل الالتهابات، ما ينعكس إيجاباً على الصحة العامة وتقليل مخاطر السرطان. وتكمل التوصيات من خلال تشجيع دمج نشاطات يومية ممتعة وتجنب الجلوس الطويل المستمر.

يجب استخدام واقٍ من الشمس بحد أدنى SPF 30 وتجنب التعرض المباشر للشمس من العاشرة صباحًا حتى الرابعة ظهرًا. وتساهم حماية البشرة من الأشعة فوق البنفسجية في تقليل مخاطر سرطان الجلد والبقع الجلدية وتلف الخلايا. كما تعزز الإجراءات الوقائية من الشمس الحفاظ على صحة الجلد على المدى الطويل.

يُعد لقاح HPV أحد أركان الوقاية من سرطان عنق الرحم وغيره من السرطانات المرتبطة بهذا الفيروس، كما يقلل لقاح التهاب الكبد B من مخاطر سرطان الكبد عند الحصول عليه وفق الجداول المقررة. وتؤكد التوجيهات على الالتزام بتطعيمات الوقاية وفق توصيات الجهات الصحية المعتمدة. وتساهم هذه التطعيمات في تقليل معدلات الإصابة ومضاعفاتها بين الشباب بشكل ملحوظ.

تشير الإرشادات إلى إجراء فحوصات دورية مثل الماموغرام للسيدات فوق 40 عامًا، والمنظار من أجل استكشاف القولون بعد سن 45، ومسحة عنق الرحم كل 3–5 سنوات، وتحليل PSA للرجال حسب توجيهات الطبيب. وتتيح هذه الفحوصات الكشف المبكر وتحسين فرص العلاج عند وجود تغيّرات مبكّرة. وتُشدد على متابعة المواعيد وفق التوجيهات الصحية لضمان فاعلية الوقاية.

تؤكد النصائح على إدارة التوتر المزمن قدر الإمكان، إذ يدعم ذلك المناعة والصحة العامة. وتوصي بممارسة تقنيات الاسترخاء وتنظيم الحياة اليومية وتقليل الضغوط المستمرة. وتوضح أن خفض التوتر يساهم في تقليل عوامل الخطر المرتبطة بتطور السرطان وتحسين جودة الحياة.

ينصح بالنوم الجيد بمعدل 7–9 ساعات يومياً لدعم وظائف الجسم وتقليل الالتهابات. وتساهم راحة النوم في تعزيز المناعة وتجديد الطاقة اللازمة لمواجهة التحديات اليومية. وتؤكد أن النوم الصحي جزء أساسي من استراتيجيات الوقاية الشاملة من الأمراض والسرطان.

يشير إلى أهمية شرب كميات كافية من الماء لدعم وظائف الجسم وتنقية السموم. وتساعد المياه على تحسين الهضم وتوازن الأيض والوظائف الحيوية الأخرى في الجسم. وتدعم العادات اليومية الصحية الوقاية من الأمراض وتقلل الالتهابات وتدعم الصحة العامة.

شاركها.
اترك تعليقاً