دراسة مفارقة الكوليسترول والسكري

أعلنت دراسة أوروبية واسعة النطاق بقيادة فريق من جامعة فيديريكو الثاني في نابولي عن نتائج جديدة تخص الكوليسترول LDL وخطر السكري. شملت الدراسة أكثر من 13 ألف مشارك بالغ الأصحاء الذين لم يسبق لهم الإصابة بالسكري أو أمراض القلب، وتمت متابعة مستوياتهم لأكثر من ست سنوات. وتم تقسيم المشاركين إلى أربع مجموعات بحسب تركيز LDL في الدم، فتبين أن انخفاض LDL إلى أقل من 84 ملغم/ديسيلتر ارتبط بزيادة احتمال التطور للسكري من النوع الثاني مقارنة بالمجموعات الأعلى. بلغ معدل الإصابة الإجمالي نحو 13%، بينما ارتفع إلى نحو 20% بين من يتلقون أدوية الستاتين، وهو ما يشير إلى أن الخطر لا يقتصر على العلاج الدوائي وحده.

ولا يفسر الرابط بشكل كامل باستخدام أدوية التخفيض فقط، فحتى بين الأشخاص الذين لم يتلقوا الستاتينات ظل الخطر في انخفاض LDL الشديد يزداد. يشير الباحثون إلى وجود آلية داخلية تجعل انخفاض الدهون الضارة بشكل مفرط يؤثر في حساسية الأنسولين وتوازن وظائف الخلايا مع الجلوكوز. كما يوضحون أن للكوليستيرول دوراً في تكوين أغشية الخلايا وتنظيم مستقبلات الهرمونات، ما يعني أن انخفاضه الزائد قد يؤدي إلى اختلال في عمليات الأيض في الجسم.

دور الستاتينات والمراقبة

أظهرت التحليلات أن تأثير الستاتينات في ارتفاع مخاطر السكري كان أوضح بين المشاركين الذين بدأوا بمستويات مرتفعة من الكوليسترول. ومع ذلك لم يظهر التحليل فرقاً واضحاً بين المستخدمين لدواء الستاتين وغيرهم في بقية فئات الكوليسترول. ويشير الباحثون إلى أن المرضى الذين تلقوا العلاج لوقت طويل أو بجرعات عالية قد يكونون أكثر عرضة لاضطرابات في تنظيم السكر، لذا توصي الدراسات بمراقبة مستويات الجلوكوز خلال المتابعة. ويؤكد الخبراء ضرورة موازنة حماية القلب مع الحفاظ على استقرار استقلاب السكر عند مرضى الكوليسترول.

قيود الدراسة وآفاقها

كشف الباحثون عن قيود تتعلق بعوامل مثل النشاط البدني والنظام الغذائي والوراثة التي لم تُأخذ بعين الاعتبار بشكل كامل، مما قد يفسر بعض الاختلافات بين المشاركين. كما لم تتضمن الدراسة تحليلًا تفصيليًا للجرعات ونوع الستاتين المستخدم، وهذا يجعل التوصيات النهائية بحاجة إلى أبحاث أوسع في المستقبل. ويؤكد الفريق أن نتائج الدراسة لا تعني التخلي عن علاج الكوليسترول، بل تدعو إلى إعادة التفكير في الهدف العلاجي لتحقيق توازن بين الوقاية القلبية وتجنب مخاطر استقلاب السكر.

الدرس الطبي للأطباء والمرضى

أوصت الإرشادات الطبية بمواصلة متابعة مرضى الكوليسترول الذين يتلقون الستاتينات بفحوص منتظمة لمستويات السكر في الدم، خصوصاً عند وجود تاريخ عائلي للسكري. وينصح بعدم المبالغة في خفض الكوليسترول لدى الأصحاء دون مبرر طبي واضح. ويؤكد الخبراء على ضرورة التوازن بين حماية القلب وتجنب اضطرابات السكر من خلال متابعة العلاقة بين الدهون والسكريات وتعديل العلاج وفق الحاجة.

شاركها.
اترك تعليقاً