يشرح هذا التقرير أن متلازمة شوجرن من أمراض المناعة الذاتية الصامتة التي قد تمر سنوات دون تشخيص لها. وتؤثر بشكل مزمن على العينين والفم وأعضاء أخرى، ما يترتب عليه جفاف مستمر ومضاعفات متكررة. وتبدأ القصة عادة بعلامات بسيطة مثل جفاف العين أو صعوبة في بلع الطعام الجاف، لكنها تقود إلى اضطراب مناعي واسع إذا لم يُكتشف مبكرًا. وتبين أن وجود نشاط مناعي غير طبيعي قد يرفع خطر التطور إلى مضاعفات جهازية أو حتى أورام ليمفاوية.

ما الذي يحدث داخل الجسم

في المتلازمة يهاجم جهاز المناعة الغدد المسؤولة عن إفراز الدموع واللعاب، ما يضعف الترطيب ويستمر الالتهاب. تتسلل خلايا ليمفاوية إلى الأنسجة وتسبب تلفًا تدريجيًا لا يمكن عكسه بالكامل. مع مرور الوقت قد يمتد الالتهاب إلى الغدد النكفية والجلد والرئتين والكلى. ويُقدَّر أن نحو 5% من المرضى يصابون بورم ليمفاوي نتيجة نشاط مناعي مستمر في هذه الأنسجة.

الأعراض والعلامات التي تستحق الانتباه

الجفاف هو السمة الأبرز، فتصبح العينان حسّاسيتان للضوء وقد تتأثر الرؤية بسبب نقص الدموع. كما يؤدي جفاف الفم إلى صعوبة في التحدث والبلع وتزايد تسوس الأسنان أو عدوى فطرية في الفم. كما يعاني بعض المرضى من تعب مزمن وآلام مفصلية تشبه أعراض الروماتويد. وفي مراحل لاحقة قد تظهر علامات أخرى مثل تضخم الغدد أو اعتلال الأعصاب الطرفية أو ظاهرة رينود.

كيف يتم التشخيص؟

يستلزم الوصول إلى تشخيص دقيق دمج الصورة السريرية مع الاختبارات المعملية والوظيفية التي تقيم نشاط الغدد المصابة. تعتمد الإرشادات الحديثة على وجود أجسام مضادة محددة مثل SSA/Ro60 وSSB/La كإشارات مصلية رئيسية مع فحوص أخرى تدعم التشخيص. وتُعد اختبارات قياس الإفرازات مثل فحص الدموع وتدفق اللعاب من بين الدعائم الأساسية للتشخيص.

يشمل فحص الدموع تحليل شيرمر الذي يُقيِّم الإنتاج ويُعد انخفاضه علامة على قصور الإفراز. كما يقاس قياس تدفق اللعاب غير المحفز خلال ربع ساعة معدلًا يقل عن 0.1 مل/دقيقة كإشارة مهمة. وتُؤكد خزعة الغدة اللعابية الصغرى وجود تسلل ليمفاوي داخل النسيج بدرجة التركيز المعتمدة. ويُجرى تقييم العين باستخدام صبغة فلوريسين لتحديد مدى جفاف القرنية، وتُستخدم معايير تقييمية ضمن النظام المعتمد من ACC/EULAR 2016، ويجب الحصول على مجموع 4 نقاط أو أكثر لتأكيد التشخيص. وتتيح هذه الخطوات معًا تشخيصًا دقيقًا ومحددًا.

تمييز الحالة واستبعاد الأسباب الأخرى

لأن بعض الأعراض قد تتطابق مع أمراض أخرى، يحتاج الطبيب إلى استبعاد فيروسات الالتهاب الكبدي الفيروسي والإيدز والساركويد وكذلك الآثار السابقة للعلاج الإشعاعي في الرقبة. يعد هذا التفريق المبكر خطوة حيوية لحماية المريض من تلقي علاجات غير مناسبة. يساعد ذلك في البدء بخطة متابعة مناسبة وتجنب تشخيص خاطئ.

المتابعة والوقاية من المضاعفات

يوصي الأطباء بإجراء مراجعات دورية لدى اختصاصيي العيون والفم إلى جانب طبيب الروماتيزم لمراقبة نشاط المرض واكتشاف أي مؤشرات لإصابة جهازية. كما تفيد الفحوص الدورية للدم ووظائف الأعضاء في تقييم تطور الحالة. يعد الترطيب المستمر أساس العلاج العرضي باستخدام الدموع الصناعية أو جل فموي، وتُستخدم أدوية منشِّطة لإفراز اللعاب مثل البيليوكاربين. وعندما تمتد الإصابة إلى أعضاء أخرى، يلجأ الأطباء إلى الكورتيزون بجرعات منخفضة أو الهيدروكسي كلوروكين أو العلاجات البيولوجية بحسب شدة الحالة.

ويشير الخبراء إلى أن التنظيم الفرنسي للرعاية الذي صدر عام 2022 شدّد على المتابعة المتعددة التخصصات بمشاركة أطباء الباطنة والروماتيزم والعين والأسنان. كما تعتبر برامج التثقيف الصحي أداة فعالة لمساعدة المرضى على إدارة الأعراض وتقليل مخاطر المضاعفات على المدى الطويل. وتؤكد هذه البرامج أهمية التنسيق بين الفريق الطبي والمريض لتحديد خطة متابعة فردية.

لماذا الكشف المبكر ضروري؟

تؤدي تأخر التشخيص إلى تدهور وظيفة الغدد وزيادة احتمال الإصابة بورم ليمفاوي. لذا فإن ربط الأطباء بين الأعراض البسيطة مثل جفاف العين والفم مع احتمال وجود اضطراب مناعي يمكن أن يغيّر مسار المريض بشكل إيجابي. مع تزايد الوعي بين المرضى ومقدمي الرعاية، يمكن التقليل من عبء هذا المرض المزمن وتحسين جودة الحياة.

شاركها.
اترك تعليقاً