فهم الصداع وأسبابه

توضح هذه المادة أن الصداع قد يبدو عارضاً بسيطاً يختفي مع الراحة أو كوب من الماء، لكنه أحياناً يكون علامة على خلل أعمق داخل الجسم. يعاني كثير من الناس من آلام رأس متكررة ولا يعرفون سببها الحقيقي. هل تكون نوبة صداع نصفي أم عرضاً لفقر الدم الناتج عن نقص الحديد؟ الفارق بين الحالتين ليس في شدة الألم فقط، بل في آليته وأسبابه والعلاج المناسب.

فقر الدم والصداع

يرتبط فقر الدم بضعف قدرة الدم على حمل الأكسجين، نتيجة قلة عدد كريات الدم الحمراء أو نقص الهيموغلوبين. عندما ينخفض تزويد الدماغ بالأكسجين، يحاول النسيج الحيوي تعويض ذلك بزيادة تدفق الدم وتوسّع الأوعية، فيشعر المصاب بصداع. عادةً ما يرافق هذا الألم علامات مثل الإرهاق المستمر وشحوب البشرة وبرودة الأطراف، إضافة إلى دوار متكرر وصعوبة في التركيز. كما قد تزداد الأعراض مع الجهد البدني وتتحسن عند رفع مستويات الحديد أو معالجة السبب الأساسي.

الصداع النصفي

الصداع النصفي هو اضطراب عصبي معقد يبدأ غالباً بخلل في الإشارات الكهربائية داخل الدماغ. ينتج عن ذلك تغيّر في قطر الأوعية الدموية وتطور ألم نابض قد يتركز على جانب واحد من الرأس. تستمر النوبة عادة من 4 ساعات إلى 3 أيام، وقد تسبقها مرحلة تُعرف بالهالة وتظهر فيها أعراض بصرية مثل ومضات الضوء وخطوط متعرجة وخدر في الأطراف وصعوبة كلام مؤقتة. غالباً ما يتفاقم مع الحركة أو التعرض للضوء والضوضاء، ويرافقه الغثيان أو القيء وإجهاد شديد بعد انتهاء النوبة.

الفروق الأساسية بين الحالتين

الفروق الأساسية بين الحالتين تتعلق بالآلية والأعراض والمدة. فقر الدم يسبب صداعاً غالباً ما يكون ضغطاً في كامل الرأس، بينما الصداع النصفي غالباً نابض ويتركز في جانب واحد. الأسباب مختلفة؛ ففقر الدم يرجع إلى نقص الحديد أو سوء التغذية، بينما وراء الصداع النصفي اضطرابات عصبية وهرمونية. تظهر أعراض مصاحبة مثل الإرهاق، الدوار، الشحوب، الغثيان، والحساسية للضوء والصوت، وتختلف في شدتها وتوقيتها. ويتحسن صداع فقر الدم مع رفع مستوى الحديد بينما يحتاج الصداع النصفي إلى أدوية محددة للنوبات.

متى يجب مراجعة الطبيب؟

إذا تكررت نوبات الصداع أكثر من خمس مرات شهرياً، أو صاحبها دوار شديد أو فقدان وعي أو تشوش في الكلام، فاستشارة الطبيب ضرورية. يمكن أن يكشف فحص الدم عن فقر الدم، بينما يساعد التقييم العصبي في تحديد وجود صدى للصداع النصفي. في بعض الحالات قد يعاني الشخص من مزيج من الحالتين معاً، ما يستلزم متابعة وعلاجاً مزدوجاً. التقييم المبكر يمنع تفاقم المشكلة ويحدد العلاج المناسب.

العلاج بين التغذية والعقاقير

في فقر الدم يركز العلاج على تصحيح السبب الأساسي عبر تناول مكملات الحديد واختيار الأطعمة الغنية به مثل الكبدة والسبانخ والبقوليات. أما الصداع النصفي فيُعالج بمضادات الالتهاب ومسكنات أو أدوية تقلل من نوبات توسع الأوعية الدموية. وينصح الأطباء بتجنب المنبهات القوية مثل الكافيين الزائد وقلة النوم والتوتر المستمر لأنها قد تفحز كلا النوعين من الصداع.

شاركها.
اترك تعليقاً