تشير تقارير متخصصة إلى أن الألعاب الإلكترونية لم تعد مجرد وسيلة ترفيه للأطفال، بل تشكل بوابة تدفع ببعضهم نحو الإدمان تدريجيًا. تؤثر هذه الظاهرة سلبًا في نموهم النفسي والعقلي والاجتماعي، وتحد من تواصلهم الواقعي مع الأسرة وأقرانهم. مع ازدياد وقت الشاشة، تتزايد علامات القلق مثل اضطراب النوم وانخفاض التحصيل الدراسي وحتى العدوانية المفاجئة. يبرز أن الإدمان هنا ليس مجرد ترفيه مؤقت، بل تحدٍ يتطلب وعي العائلة وتدخلها المبكر.
بداية الإدمان وآلياتها
ينشأ الإدمان حين يبدأ الطفل باللعب بدافع الفضول والمتعة، ثم تتعزز في الدماغ علاقة المتعة بإطلاق الدوبامين. مع تكرار التعرض، يحتاج الطفل إلى أوقات أطول للشعور بالرضا ذاته، فيدخل مع الوقت في دائرة إدمان لا يعيها. وتسهم هذه العملية في انسحاب اجتماعي وتراجع العلاقات الواقعية، كما تتراجع قدرته على التواصل خارج الشاشات.
إشارات تحذيرية لا ينبغي تجاهلها
غالبًا ما تظهر العلامات مبكرًا مع اضطراب النوم وتدني الأداء الدراسي والتوتر عند منع اللعب. يلفت الأهل إلى أن يصبح الطفل أكثر انعزالًا ويتجنب الأنشطة العائلية أو الاجتماعية خارج العالم الرقمي. كما يظهر غضب اللاعب، وهو سلوك عدواني يظهر أثناء اللعب أو عند الخسارة. هذه الإشارات تستدعي اليقظة وتقييم الوضع قبل تفاقمه.
دور الأهل في العلاج
يبدأ الأهل الحوار مع الطفل بهدوء وتفهم، لأن الشعور بالأمان يسبق تطبيق الحدود. ينصح الأهل بتخصيص وقت هادئ للحديث عن الألعاب وما يثير اهتمامه، ومحاولة فهم الدوافع وراء التعلق الزائد. ثم يتم وضع حدود واضحة لوقت الشاشة مع تطبيقها بثبات وبدون عقاب مفاجئ.
استبدال العادة بعادات
ينبغي توفير بدائل مثيرة للاهتمام تشغل وقت الطفل بشكل متوازن. تشمل هذه البدائل الرياضة والفنون والأنشطة الاجتماعية، ما يساعد على تفريغ الطاقة وبناء توازن صحي. كما تساهم الأنشطة العائلية المنتظمة في إعادة تعزيز الروابط خارج الشاشات.
متى يجب طلب المساعدة
عندما يبدأ اللعب في التأثير الواضح على الدراسة والنوم والمزاج، يجب استشارة طبيب نفسي للطفل أو أخصائي علاج سلوكي. يساعد التقييم المبكر في وضع خطة علاجية تعتمد على إدارة السلوك وتنظيم الوقت وإعادة تدريب الدماغ للسيطرة على الرغبة باللعب. يحدد الاختصاصي ما إذا كان الطفل يعاني من إدمان فعلي ويقدم التوجيه لتقليل الاعتماد على الشاشات.
إدارة التكنولوجيا بالأسرة
الهدف ليس حرمان الطفل من التكنولوجيا، بل تعزيز استخدامه كأداة متوازنة. عندما يدرك أن الجهاز مجرد وسيلة، يصبح بإمكانه الاستفادة من مزاياه دون الوقوع في الأسر. تلعب الأسرة دورًا حاسمًا كقدوة في طريقة التعامل مع الهواتف والشاشات وتشكيل وعي الطفل.


