تشير الدراسات إلى أن الإجهاد المزمن قد يضعف العظام لدى النساء بشكل صامت، حتى وإن لم تلاحظ المصابة أي أعراض ظاهرة. يوضح الأطباء أن التوتر المستمر يؤدي إلى إفراز هرمون الكورتيزول بنسب أعلى من الطبيعي. ومع مرور الوقت يؤثر الكورتيزول الزائد في خلايا بناء العظام ويزيد نشاط الخلايا الآكلة للعظم، وهو ما يؤدي إلى انخفاض الكثافة العظمية. وتزداد المخاطر عندما تقترن التغيرات الهرمونية بارتفاع الإجهاد، خصوصاً قبل الحيض وبعده وبعد الولادة وفي فترة انقطاع الطمث.

أوضح الدكتور أناند شافان، استشاري جراحة العظام بمستشفى فورتيس في الهند، أن الإجهاد يضغط على الجسم لإفراز هرمونات عدة، وعلى رأسها الكورتيزول، عندما يتعرض الإنسان للتوتر. قد يحتاج الجسم إلى الكورتيزول بكميات بسيطة، لكن الإجهاد المزمن يرفع مستوى إفرازه باستمرار. وعندما يتداخل ذلك الهرمون مع خلايا بناء العظام، خصوصاً الخلايا التي تبني العظام وتلك التي تكسرها، تتعطل التوازنات وتضعف العظام مع مرور الوقت.

تشير علامات تعرض العظام للإجهاد إلى وجود ما يسمّى باللص الصامت، وقد تطرأ علامات خفية على بعض النساء. تشمل الأعراض المتكررة آلاماً عامة وتصلباً في المفاصل وارتفاعاً في التعب حتى مع مجهود بسيط. كما قد يظهر أظافر هشة وتساقط شعر ونقص فيتامين د وألم بالظهر بلا تفسير. إذا استمرت هذه العلامات فقد تكون مؤشراً إلى انخفاض كثافة العظام نتيجة الإجهاد المزمن والتغيرات الهرمونية المصاحبة.

خطوات حماية العظام من الإجهاد

الكالسيوم وفيتامين د

تؤكد الإرشادات الصحية ضرورة إعطاء الأولوية للكالسيوم وفيتامين د للحفاظ على عظام قوية. تتوافر مصادر الكالسيوم في منتجات الألبان والخضروات الورقية والسمسم واللوز والحبوب المدعمة، كما يلعب التعرض المعتدل للشمس دوراً في تعزيز امتصاص الكالسيوم. وتختلف الاحتياجات باختلاف العمر، فتحت سن 20 إلى 40 عاماً يحتاج النساء إلى نحو 1000 ملغ من الكالسيوم يومياً، وتزداد الحاجة إلى نحو 1200 ملغ يومياً بعد انقطاع الطمث، مع الحرص على توافر كميات كافية من فيتامين د لتسهيل الامتصاص وتحقيق الاستفادة القصوى من الكالسيوم.

يُفضل بناء النظام الغذائي بحيث يتوزع الكالسيوم على وجبات اليوم، مع التنويع في المصادر لضمان توافر كميات مناسبة. كما أن التعرض لأشعة الشمس بشكل آمن يساعد في رفع مستويات فيتامين د، وهو ما يعزز قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم وتدعيم الكثافة العظمية. وتُشجَّع النساء على إدراج مصادر غنية بالكالسيوم وفيتامين د ضمن النظام الغذائي اليومي لتلبية الاحتياجات الأساسية وتجنب النقص.

النشاط البدني المنتظم

يعزز التمرينات التي تحمل الوزن مثل المشي والجري والرقص وصعود السلالم تكوين العظام بشكل مباشر، كما يحسن التوازن ويقلل مخاطر الكسور. توصي الإرشادات بممارسة 30 دقيقة من التمارين القابلة للحمل يومياً، مع إدراج تمارين القوة لبناء كتلة عظمية أقوى. يساهم الانتظام في هذه التمارين في تعزيز القوة والمرونة والتقليل من فقدان الكثافة مع التقدم في العمر.

تخفيف التوتر

يرى المتخصصون أن تقليل التوتر عبر ممارسات مثل اليوغا والتأمل وتدوين اليوميات وتمارين التنفّس يساعد في خفض مستويات الكورتيزول. يمكن تخصيص روتين يومي لمدة عشرة دقائق لتهدئة الجهاز العصبي ودعم صحة العظام على المدى الطويل. كما يسهم العلاج الطبيعي والتمارين الاسترخائية في تحسين الصحة العامة وتقليل المضاعفات المرتبطة بالإجهاد المزمن.

فحص صحة العظام

تشير الإرشادات إلى أن النساء فوق الأربعين أو اللواتي يعانين من إجهاد مزمن أو اضطرابات هرمونية أو متلازمة تكيس المبايض أو مشاكل بالغدة الدرقية بحاجة إلى فحص كثافة العظام بشكل دوري. يظل اختبار DEXA من أهم الإجراءات لتقييم كثافة العظام وتحديد مستوى القوة الهيكلية. بناءً على النتائج يحدد الطبيب التدخلات المناسبة من غذائية أو دوائية لتعزيز الكثافة والحد من مخاطر الكسور. لذا يجب على النساء الالتزام بمواعيد المتابعة والفحص وفقاً لتوصيات الطبيب.

تحسين النوم

ينبغي أن يحصل الجسم على سبع إلى ثماني ساعات من النوم المريح، مع تقليل استخدام الهاتف ليلاً وخفض الإضاءة قبل النوم لتهيئة بيئة مناسبة للنوم العميق. كما أن ترتيب أوقات النوم والابتعاد عن المنبهات قبل النوم يساعد في تنظيم الهرمونات المرتبطة بالعظام وتحسين جودة النوم. وبتحسين النوم تنعكس الفوائد على وظائف الجسم العامة وتدعيم صحة العظام في المدى الطويل.

شاركها.
اترك تعليقاً