أعلنت دراسة فنلندية واسعة النطاق أن الخرف المبكر يختلف أثره حسب النوع المرضي. شملت الدراسة نحو 800 مريض تم تشخيصهم قبل بلوغ 65 عامًا وقرابة 8 آلاف شخص سليم من نفس الفئة العمرية والجنس كمجموعة مقارنة. أُجريت الدراسة في مستشفيات جامعية بفنلندا خلال الفترة من 2010 إلى 2021 وباعتماد منهج المتابعة الطولية لمعرفة معدل البقاء على قيد الحياة منذ التشخيص. وقد اعتمدت على رصد الحالات عبر السجلات الصحية لمدى الزمن حتى الوفاة أو انتهاء المتابعة.

تفاوت النوع في مخاطر الوفاة

أظهرت النتائج أن الخرف الجبهي الصدغي كان الأكثر خطورة، إذ زاد احتمال الوفاة بنحو أربعة عشر ضعفًا مقارنة بالأشخاص غير المصابين. يليه اعتلال ألفا-سينيوكليين كخطر مرتفع للوفاة مقارنةً ببقية الأنماط، بينما كان خرف ألزهايمر المبكر الأقل ارتفاعًا في معدل الوفيات النسبي. ومع ذلك، يظل الخرف المبكر مهددًا للحياة على المدى الطويل.

أوضحت النتائج أن الخطر لا يعكس النوع وحده، بل يتأثر بعوامل مصاحبة مثل الجنس الذكري ووجود أمراض مزمنة كالسُكري أو ارتفاع ضغط الدم، إضافة إلى التاريخ العائلي للمرض. مع كل سنة إضافية من العمر عند التشخيص ترتفع احتمالات الوفاة قليلًا، مما يشير إلى أن توقيت التشخيص قد يلعب دورًا حاسمًا في التخطيط للرعاية. وتبين أن هذه العوامل تساهم في تحديد مسار المرض وتقييم الأولويات السريرية والمتابعة.

أُجريت الدراسة بين 2010 و2021 في مستشفيات جامعية فنلندية باستخدام متابعة طولية لمعرفة معدل البقاء على قيد الحياة منذ لحظة التشخيص وحتى الوفاة. أظهرت البيانات أن نحو ربع المرضى توفوا خلال فترة المتابعة، ومتوسط زمن البقاء بلغ 8.7 سنوات. كان مرضى خرف ألزهايمر المبكر الأكثر حظًا من حيث البقاء، قرب عشر سنوات، بينما سجلت فئة الخرف الجبهي الصدغي واعتلال ألفا-سينيوكليين معدلًا يقارب سبع سنوات.

دلالات سريرية وخطط الرعاية

يرى الباحثون أن هذه النتائج تقدم إشارات عملية للأطباء والمتخصصين في الأعصاب في تحديد أولويات المتابعة والرعاية للمصابين بالخرف المبكر. كما تساعد العائلات في فهم المسار الطبيعي للمرض وتخطيط الدعم النفسي والاجتماعي للمريض عبر مراحل المرض. وتؤكد البيانات الحاجة إلى رعاية مركزة وتخصيص خطط علاجية تراعي نوع الخرف وتاريخه الصحي.

قيود الدراسة وآفاق المستقبل

على الرغم من قوة العينة والتحليل الإحصائي المتعمق، لا تخلو النتائج من قيود تشمل الاعتماد على سجلات المرضى وعدم وجود تقييم سريري مباشر في جميع الحالات. كما أن بعض الأنواع الفرعية من الخَرَف كانت نادرة نسبياً مما حد من قدرة استخلاص نتائج تفصيلية عنها. وتشير القيود إلى أن تفسير الاختلافات في معدلات الوفاة يتطلب مزيدًا من البحث في الآليات البيولوجية وراء الخرف المبكر، خصوصاً الخرف الجبهي الصدغي.

وتشير النتائج إلى أن الخطوة المقبلة تتمثل في دراسة الأسباب البيولوجية وراء تفاوت معدلات الوفاة بين أنواع الخرف المبكر، خاصة الخرف الجبهي الصدغي. كما يُوصي الباحثون بتطوير علاجات موجهة تستهدف آليات المرض المحددة لكل نوع فرعي، بهدف تحسين إدارة المرض وتخفيف التبعات على المجموعات المعنية. وهذه التوجيهات من شأنها أن تسهم في تعزيز التخطيط النفسي والاجتماعي للرعاية على المدى الطويل.

شاركها.
اترك تعليقاً