تُعد متلازمة ما قبل الحيض من أبرز المشكلات الصحية شيوعًا لدى النساء، وتؤثر بدرجات مختلفة في ملايين السيدات حول العالم. وبينما يراها البعض مجرد تغير مزاجي بسيط، يؤكد الأطباء أنها حالة بيولوجية وهرمونية حقيقية تنعكس على الصحة الجسدية والنفسية. وتكشف الإحصاءات أن ما يصل إلى 18% من النساء يعانين من أعراض PMS، بينما يصاب 3–8% بدرجة أشد تعرف باضطراب ما قبل الحيض المزعج PMDD، وهو اضطراب يؤثر بشكل واضح على المزاج والطاقة والنشاط اليومي.

الأعراض وتأثيراتها

تظهر المتلازمة عادة في المرحلة الأصفرية من الدورة الشهرية، أي قبل بدء الحيض بنحو 10–14 يومًا، وتُرافقها مجموعة من الأعراض المزاجية والفسيولوجية. تشمل الأعراض تقلب المزاج والتوتر والقلق، إضافة إلى الانتفاخ والتعب واضطرابات النوم، والصداع وحساسية الصدر وزيادة الشهية أو الرغبة الشديدة في الحلويات. وتختلف شدة الأعراض من امرأة إلى أخرى وقد تتبدل من شهر لآخر في كثير من الحالات.

أسباب وعوامل مسهمة

تعود أسباب المتلازمة إلى تذبذب مستويات الهرمونات خلال الدورة الشهرية، خصوصًا تغير مستويات الإستروجين والبروجيستيرون مما يجعل بعض النساء أكثر حساسية لهذه التغيرات. كما أن انخفاض السيروتونين قبل بدء الدورة يفسر جزءًا من التوتر والقلق المصاحبين للأعراض. وتسهم العوامل الوراثية والتوتر المزمن وقلة النوم ونمط الحياة، مثل استهلاك الكافيين والسكريات ونقص النشاط البدني، في زيادة شدة الأعراض. وقد تتفاعل هذه العوامل لتوليد صورة سريرية متنوعة بين النساء.

نصائح عملية لتخفيف الأعراض

قللي من الكافيين قبل بدء الدورة ببضعة أيام، فالكافيين يُفاقم العصبية واضطرابات النوم وخفقان القلب. استبدليه بمشروبات عشبية مثل البابونج أو شاي أخضر خفيف. احرصي على روتين نوم منتظم، مع إطفاء الشاشات قبل النوم بنصف ساعة، وتجنّبي الوجبات الثقيلة قبل النوم، ووفري بيئة هادئة ومظلمة. هذه العادات تساهم في تقليل تقلب المزاج وتحسين جودة النوم.

يمكن تجربة مكملات فيتامين B-complex وأوميغا 3 بعد استشارة الطبيب، فهي قد تساعد في رفع الطاقة وتحسين المزاج والتركيز وتخفيف الصداع المرتبط بالمتلازمة. يجب أخذها فقط بتوجيه من الطبيب وتحت إشرافه. مارسي اليوغا وتمارين الاسترخاء مع تمارين التنفس؛ فذلك يخفّض التوتر ويُحسّن المزاج وينظّم هرمونات التوتر ويخفّف ألم أسفل الظهر. أيضًا احرصي على وجبات منتظمة لتجنب انخفاض السكر في الدم والتوتر والصداع.

اعتمدي نظامًا غذائيًا يشمل الخضروات والبروتين والمكسرات والفواكه مع مصادر المغنيسيوم لزيادة الاستدامة الحيوية للجسم. هذا النظام يساعد في تقليل تقلب المزاج ومنح الجسم نشاطة. احرصي على إضافة ألياف كافية وتجنب الإفراط في السكر والوجبات القصيرة دون تغذية كافية. كما أن تخصيص وقت للراحة أسبوع ما قبل الدورة يقلل الضغوط ويفسح المجال لممارسة أنشطة هادئة مثل القراءة أو مشاهدة فيلم.

متى تستشيرين الطبيب والعلاجات المتاحة

إذا تأثرت قدرتك على العمل أو الدراسة بسبب الأعراض، أو كان البكاء بلا سبب واضح، أو ظهرت رغبة في العزلة، أو شهدت نوبات قلق شديدة، فمراجعة الطبيب تصبح خطوة مهمة. كما قد تشير أعراض تشبه مشاكل تكيس المبايض مثل حب الشباب وزيادة الوزن وشعر زائد إلى وجود اضطراب PMDD وتستلزم تقييمًا متخصصًا. إذا تعذّر أداء الأنشطة اليومية بسبب الأعراض، فهذه علامة تستدعي التقييم الطبي، خاصة عند وجود تغيرات جسيمة في الحياة اليومية.

تختلف العلاجات حسب شدة الأعراض، فالأدوية النفسية مثل مضادات الاكتئاب لها فاعلية كبيرة في تخفيف المزاج المتقلب. كما يمكن منع الإباضة باستخدام حبوب منع الحمل المركبة تحت إشراف الطبيب المختص. وتُسهم تعديلات النظام الغذائي وزيادة الألياف والخضروات والبروتين والمغنيسيوم في تحسين الأعراض بشكل عام، وذلك كجزء من خطة علاجية متكاملة. يجب أن تكون أي خطوة علاجية موجهة من طبيب مختص وتراعي تاريخك الطبي والتداخلات الدوائية المحتملة.

شاركها.
اترك تعليقاً