أظهرت دراسة حديثة أن الألم المزمن ليس مجرد عرض بل حالة فسيولوجية معقدة تؤثر في الجهاز العصبي والهرموني وتساهم في رفع ضغط الدم. وتُبين النتائج وجود علاقة ثنائية الاتجاه بين الألم وضغط الدم، فكل منهما يمكن أن يكون سببًا ونتيجة للآخر. وتزداد المخاطر عندما يكون الألم منتشرًا في مناطق متعددة من الجسم مقارنةً بمن لا يعانون من الألم.

تشير الآليات الموثقة إلى أن الألم المزمن يربك توازن الجهاز العصبي الذاتي ويحفز الجهاز العصبي الودي بشكل مستمر. نتيجة لذلك يفرز الجسم هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والنورأدرينالين، ما يرفع معدل ضربات القلب ويضيق الأوعية الدموية ويؤدي إلى ارتفاع الضغط بشكل مزمن. كما يعتقد الباحثون أن هذا التفاعل يساهم في تغيّر بنيوي في الأوعية الدموية يجعلها أكثر عرضة للارتفاع عند أي إجهاد. وتؤكد النتائج أن شدة الألم وانتشاره تلاحظان ارتباطًا أقوى مع ارتفاع الضغط مقارنةً بالألم المحصور في منطقة واحدة.

تترابط الآلام المزمنة أيضًا بحدوث اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب واضطرابات النوم، وهي حالات شائعة بين مرضى ارتفاع ضغط الدم، حيث يصيب الاكتئاب نحو 40% من مرضى الألم المزمن. وتؤدي هذه الاضطرابات إلى تغيّر في إفراز النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين، مما يخلق حلقة مفرغة ترفع الضغط وتفاقم الألم. وتبرز النتائج أن معالجة الألم لا تكون فعالة إذا لم تراعِ الصحة النفسية وتحسين النوم وتقليل التوتر.

العلاقة الثنائية بين الألم والضغط

تشير النتائج إلى أن العلاقة بين الألم وضغط الدم ليست أحادية الاتجاه، بل قد تكون سببية ومتبادلة في أحيان كثيرة. لذلك يوصي الخبراء بأن يُعامل الألم كعامل خطر رئيسي يجب رصده مع متابعة الضغط باستمرار. كما يُشدد على اعتماد نهج شامل يدمج تقليل الألم مع تحسين النوم وتقليل التوتر بهدف تحسين السيطرة على الضغط وتقليل المخاطر القلبية.

تقييم الألم كعلامة حيوية

يُشير الخبراء إلى أن تقييم الألم يجب أن يُنظر إليه كعلامة حيوية خامسة تقاس إلى جانب الضغط والنبض والتنفس. لكن قياس الألم يعتمد حتى الآن إلى حد كبير على تقدير المريض وهو معيار ذاتي يمكن أن يتأثر بالحالة النفسية والظروف المحيطة. لذا تسعى الدراسات إلى تطوير مؤشرات حيوية موضوعية لقياس الألم من خلال استجابات الجسم مثل تغيرات النبض ومؤشرات الالتهاب في سوائل الجسم.

التوصيات العملية للممارسة الطبية

تعزز النتائج أهمية تبني نهج شامل في علاج ارتفاع ضغط الدم لا يقتصر على الأدوية أو الحمية فقط، بل يشمل إدارة الألم المزمن وتحسين النوم والتقليل من التوتر. ويؤكد الباحثون أن إدراج برامج إدارة الألم والعلاج السلوكي ضمن بروتوكولات ضغط الدم قد يحسن النتائج على المدى الطويل ويقلل من المضاعفات القلبية. كما يسهم ذلك في تقليل الإحساس بالألم وتحسين جودة الحياة للمرضى.

شاركها.
اترك تعليقاً