تظهر دراسة جديدة أن ممارسة الرياضة قد تبطئ نمو الأورام عبر إعادة توزيع الجلوكوز والأكسجين إلى العضلات بدلاً من الورم. أجرى فريق بحثي تجارب على فئران مصابة بسرطان الثدي، وقسمها إلى مجموعتين غذائيتين: الأولى اتبعت نظامًا عالي الدهون (60% من السعرات من الدهون)، بينما تلقت المجموعة الضابطة غذاءً عاديًا. وزّع الباحثون على الفئران عجلات جري لممارسة التمارين الطوعية، وحقنوا الورم لبدء الدراسة ثم باشروا متابعة تطوره لمدة أربعة أسابيع مع الحفاظ على النظام الغذائي نفسه. اعتمد الفريق تقنيات تتبّع للجلوكوز والجلوتامين لمراقبة الاختلافات في مسارات الأيض وتوزيع الموارد الحيوية بين عضلات الجسم وورم الورم.

نتائج تأثير التمارين

بعد أربعة أسابيع من الجري على العجلات، أظهرت النتائج فرقاً واضحاً في أحجام الأورام بين الفئران التي مارست الرياضة وتلك التي لم تمارس. في الفئران البدينة التي مارست الرياضة، بلغ انخفاض حجم الورم نحو 60% مقارنة بمجموعتها الضابطة، كما زادت كتلة العضلات وهبطت كتلة الدهون لديها. حافظت قيم الجلوكوز والإنسولين في البلازما على مستويات مشابهة لتلك عند الفئران التي تغذت بشكل عادي. وأوضح الباحثون أن هذه النتائج تشير إلى أن التمارين تفتح مسارات أيضية جديدة تعزز استهلاك الجلوكوز في العضلات بعيداً عن الورم.

وأجرى الفريق تجربة إضافية على فئران بدينة مصابة بنمو ميلانيني، فظهر أن الأورام كانت أصغر حجماً مع انخفاض امتصاص الجلوكوز واكسدته في الورم مقارنةً بمجموعة قليلة الحركة. كما أشاروا إلى تغيرات في التعبير الجيني المرتبط بالاستقلاب بلغ عددها 417 جيناً تم التعبير عنها بشكل مختلف بين الفئران النحيفة الممارسة والفئران غير الممارسة، وهو ما يوحي بأن التمارين تغيّر الشبكات الأيضية المرتبطة بنمو الورم. كما أظهروا انخفاض تنظيم البروتين mTOR في الفئران التي مارست الرياضة، وهو مسار يربط استهلاك الأحماض الأمينية بتطور الورم. يبرز ذلك وجود آليات أيضية تساهم في إبطاء النمو الورمي عند ممارسة الرياضة.

تشير النتائج إلى أن إعادة توزيع الجلوكوز لصالح عضلات القلب والهيكل العظمي من شأنها إبطاء نمو الورم، إلى جانب تغيّرات أخرى مثل التحوير في استهلاك الأحماض الأمينية. وأظهر الفريق وجود اختلاف في التعبير الجيني المرتبط باستقلاب الطاقة بين الفئران الممارسة والفئران غير الممارسة، ما يدعم وجود تغيّر في مسارات أيضية مرتبطة بالنشاط البدني. كما أظهر انخفاض تنظيم البروتين mTOR في الحيوانات الرياضية، وهو ما قد يساهم في تقليل نمو الورم مع مسارات أخرى مثل تحوير استخدام الأحماض الأمينية. وتؤكد النتائج أن الرياضة تغيّر الشبكات الأيضية في الكائنات الحية وتؤثر في مكونات استجابة الورم للطاقة.

درس الفريق أيضًا بيانات التعبير الجيني من دراسات بشرية حول تمارين النساء المصابات بسرطان الثدي، ووجد أن تمارين القوة والتحمل قد ترافقها زيادة في تنظيم جينات مرتبطة بالجلوتامين والليوسين في أنسجة العضلات. تشير النتائج إلى أن المسارات الأيضية تستجيب لرفع مستوى النشاط بطريقة قد تدعم التحدي النسيجي المرتبط بالسرطان، رغم أن حجم العينة وتحديد الجينات المحللة قد يؤثران في النتائج. وبناءً على ذلك، لا يمكن الجزم بتطبيق هذه الآليات في الإنسان وفقاً لهذه البيانات وحدها، بل تشدد على الحاجة إلى مزيد من الدراسات البشرية لتأكيد التأثيرات وتحديد أنواع التمارين الأكثر فاعلية. هذه الروابط بين الرياضة والاستقلاب الورمي تفتح أمام الباحثين آفاقاً لفهم آليات التحمّل المسبق للمرضى وربط اللياقة بالعلاج السرطاني.

إمكانية تطبيقها عند البشر

يظل الباحثون متفائلين بأن ممارسة الرياضة يمكن أن تكون جزءًا من خيارات علاج السرطان لدى البشر، وأن فهم كيفية توزيع الجلوكوز بعد التمرين يمكن أن يسهم في تمهيد المرضى للعلاج وربط نتائج اللياقة بالعلاج الطبي. وعلى الرغم من أن البيانات البشرية المتوفرة حتى الآن محدودة وتحتاج إلى توسيع العيّنات وتكرار الدراسات، إلا أن النتائج البشرية تدعم وجود صلة بين النشاط البدني وتقييد نمو الورم عبر آليات أيضية مشابهة لتلك الموضحة في الفئران. وبالتالي فإن هناك حاجة لمزيد من الأبحاث لتحديد أنواع التمارين وشدتها والمدة المناسبة للمرضى المصابين بأنواع مختلفة من السرطان. يبقى الأمل قائمًا في أن تساهم هذه الفهم في تحسين التكامل بين العلاج الطبي واللياقة البدنية ضمن رعاية مرضى السرطان.

شاركها.
اترك تعليقاً