رؤية الفندق والاستدامة الأساسية
افتُتح فندق ديسا بوتاتو هيد بالي عام 2010، وتطور في 2016 ليجسد رؤية مؤسسه رونالد أكيلي حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الفندق. إنه ليس مشروعاً تجارياً مستداماً فحسب، بل يقوم على التجديد ويحدث أثراً إيجابياً بشكل فعّال.
إدارة الفضلات والتحول نحو خلوّ المخلفات
يهدف الفندق إلى أن يكون خالياً من الفضلات والمخلفات بشكل شبه كامل، وتقدّم نحو ذلك بتحويل 99.5% من المخلفات بعيداً عن مكبّ النفايات، في حين يستقبل القرية أكثر من ألف نزيل يومياً. تم حظر استخدام البلاستيك أحادي الاستخدام منذ 2017، ويُعاد تدوير كل شيء داخل “معمل المخلفات” بدءاً من قواعد الأكواب وصولاً إلى زجاجات المياه والأثاث، بل بُنيت بعض مباني الفندق من قوالب الطوب المهملة والمخلفات البلاستيكية.
يعمل طاهٍ يكرّس جهده للوصول إلى مستوى الخلو من الفضلات تماماً في المطاعم لضمان الإبداع والفاعلية. ويشارك فريق العمل في دورات تعليمية خاصة بالطهي من دون مخلفات. وكذلك يُهدى للنزيل عند وصوله مجموعة أدوات خاصة بتحقيق هذا الهدف، ويُدعى إلى المشاركة في جولة «متابعة الفضلات» لرؤية عملية التدوير على أرض الواقع.
المشروع المجتمعي وإعادة التدوير
المشروع الأكثر تأثيراً للفندق هو «مشروع المخلفات المجتمعي»، وهو مركز لتجميع المخلفات افتُتح عام 2024 بالتعاون مع جهات تجارية محلية. ولإدراكنا أن الفصل السليم أمر ضروري، شارك الفندق خبرته مع الشركاء لضمان نجاح العمل. ويقول أكيلي: «أكبر إنجاز نفتخر به ليس الحد من المخلفات داخل الفندق، بل مشاركة ما تعلمناه خارج جدرانه». وتتم معالجة نحو 5 أطنان من المخلفات يومياً، وقد وسّع ذلك نطاق تأثير الفندق، وأسّس لمستقبل أكثر نظافة للسكان المحليين، ووفّر وظائف جديدة. وتُعاد استثمار الأرباح الناتجة عن بيع المنتجات المعاد تدويرها في المجتمع. وأوضح قائلاً: «الفكرة هي أن يستمر تحسين وتطوير النموذج بما يساعد الجزيرة، لا نحن فقط، في الاقتراب من تحقيق هدف عدم تشكل أي مخلفات».
المجتمع والإنسان كعنصر استدامة
أصبح الإخلاص لمناصرة المجتمع المحلي ضرورياً لتحقيق الاستدامة الشاملة حين يتعلق الأمر بالفنادق. كثيراً ما يتم تجاهل الجانب الاجتماعي، لكن الضيافة تقوم على الناس، ولا يمكن للفندق أن يكون مستداماً دون النظر إلى النزلاء والعاملين والسكان المحليين. ويقول أكيلي: «المجتمع يمنح الفندق روحه، ومن دون ذلك سيصبح مبنى عادياً. نحن جزء من النظام البيئي، ونتعاون مع المبادرات المحلية ونفتح أبوابنا للمشروعات المجتمعية»، سواء التوعية بالمخلفات أو ورش العمل الثقافية وأماكن إقامة إبداعية. يوزع مشروع «سويت بوتاتو» أكثر من 38 ألف وجبة خلال 2024، ويشارك العاملون في الزراعة والتوصيل التطوعي وتنظيف الشاطئ. ويؤكد أكيلي أن التغيير يبدأ من الفريق: عندما يعيش أعضاؤه الغاية، يعكسونها بشكل تلقائي للنزلاء والمجتمع. كما أن سلامة الفريق وجودة حياته أولوية، مع الصحة والاستقرار المالي والفرص المهنية المتزايدة.
الإحساس بالمكان والهوية
يمكن أن يصبح إبراز الموطن جزءاً قوياً من الاستدامة؛ فالموطن يربط ما نفعله بمكان وجودنا ويمنح النزلاء طابعاً فريداً من الثقافة والتراث من خلال الطعام والناس والحكايات. يقدّم الفندق للنزلاء مشروب «جامو» العشبي عند تسجيل الدخول، وتعمل المطابخ مع المزارعين المحليين وتدعم التنوع البيولوجي بتقديم النباتات الأصلية. كما يساعد التعاون مع الحرفيين في الحفاظ على المهارات التراثية؛ فمثلاً الأجنحة بنيت باستخدام قوالب طوب معبد مضغوطة يدوياً. نحن لا نكتفي بشراء المكونات فقط، بل نخلق نظام تدوير يفيد الجميع ويكوّن حلقة إيجابية متجددة.
التقدم المستدام لا المثالية
أهم جزء في تعريف مشروع تجاري مسؤول هو الالتزام بالتطوير المستمر. المثالية غير قابلة للوصول، أما الاستدامة فهي خطوة نأخذها بكل مرة. الشفافية عنصر أساسي لأنها تساعد في توعية الزوار وتحفيز العاملين وإشراك المجتمع. يقول أكيلي: «نحن لا نروي قصصاً للتسويق، بل نحثّ الآخرين على أن يكونوا جزءاً من هذه الحركة. تبني الشفافية والثقة يصنع الفعل». الإخلاص للرحلة هو الأهم، فكل فندق مستعد للمواصلة في التعلم واتخاذ خطوات قابلة للقياس نحو مستقبل أكثر استدامة يمكن أن يكون فندقاً بيئياً. ونستمر في تطوير كل جزء من المشتريات والتصميم والعمليات اليومية، ونشارك ما نتعلمه، وندعو غيرنا للانضمام إلى هذا التغيير. نختار التقدم لا المثالية، فالمهم هو البدء في إحداث تغييرات.


