يعلن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أن السنوات الأخيرة شهدت تسارعًا ملحوظًا في تطوير واعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي. وأشار التحليل إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يعمل دون طاقة، إذ تعتمد بنيته الأساسية على تشغيل مراكز البيانات ومعالجة المعلومات باستخدام كميات كبيرة من الكهرباء. كما أكد أن صعود الذكاء الاصطناعي قد يسهم في تحول عميق في أساليب إنتاج الطاقة وإدارتها عند توظيفه على نطاق واسع. وأبرز أن النمو في هذه الصناعة انعكس في زيادة القيمة السوقية للشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، حيث جاء 65% من نمو مؤشر S&P 500 من شركات تستخدم الذكاء الاصطناعي بين نوفمبر 2022 ونهاية 2024؛ أي أن 12 تريليون دولار من إجمالي 16 تريليون دولار زيادة القيمة السوقية جاءت من الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
آثار الطلب على الكهرباء
أشارت مدونة صندوق النقد الدولي في مايو 2025 إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح مصدرًا متناميًا للإنتاجية والنمو الاقتصادي، لكنه في الوقت نفسه يزيد استهلاك الكهرباء بسبب الاعتماد على مراكز البيانات الضخمة. وبحسب تقرير الطاقة والذكاء الاصطناعي الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة عام 2025، تبلغ سعة المركز البيانات التقليدي 25 ميغاوات، بينما تصل سعة المركز البيانات الضخم نحو 100 ميغاوات، أما أكبر المراكز قيد الإنشاء فبلغت نحو 2,000 ميغاوات وتصل بعض المراكز المعلن عنها إلى 5,000 ميغاوات. وذكر التقرير أن مراكز البيانات تمثل نسبة صغيرة من الاستهلاك العالمي للكهرباء لكنها تخلف آثارًا محلية واضحة، وتضاعفت الاستثمارات العالمية في مراكز البيانات منذ 2022 لتصل إلى نحو نصف تريليون دولار في 2024. كما استهلكت مراكز البيانات 1.5% من الكهرباء العالمية في 2024، ما يعادل 415 تيراوات/ساعة، وتتصدر الولايات المتحدة القائمة بحصة 45% ثم الصين 25% وأوروبا 15%.
تشير توقعات صندوق النقد الدولي في أبريل 2025 إلى أن استهلاك الكهرباء العالمي الناتج عن مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي سيبلغ نحو 400 إلى 500 تيراوات/ساعة في 2023، وتصل توقعاته إلى 1,500 تيراوات/ساعة بحلول 2030. وتُقدَّر أن طلب الذكاء الاصطناعي في 2030 سيكون أعلى بنحو 1.5 مرة من الطلب المتوقع على السيارات الكهربائية. وبحسب تحليل McKinsey، من المتوقع أن تكون الولايات المتحدة الأسرع نموًا في سوق مراكز البيانات، حيث يرتفع الطلب من 25 جيجاوات في 2024 إلى أكثر من 80 جيجاوات بحلول 2030، لتشكل أحمال مراكز البيانات بين 30% و40% من إجمالي الطلب الجديد حتى 2030. كما يتوقع أن نمو الطلب على الكهرباء لمراكز البيانات بين 2024 و2030 سيصل إلى نحو 400 تيراوات/ساعة بمعدل نمو مركب نحو 23% سنويًا.
التوازن والفرص في الطاقة
يؤكد التحليل أن التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي يمثل أحد أبرز التحديات التي تواجه قطاع الطاقة، ويتطلب التخطيط لضمان توافر إمدادات كهربائية كافية وتوازنًا مستدامًا. وذكر أن ارتفاع الطلب على الكهرباء الناتج عن الذكاء الاصطناعي قد يضيف 1.7 جيجا طن من انبعاثات الغازات الدفيئة عالميًا بين 2025 و2030، وهو تقدير يعادل تقريبًا انبعاثات استهلاك الطاقة في إيطاليا خلال خمس سنوات. كما يظل الطلب على الحوسبة محاطًا بمقدار من عدم اليقين بسبب التطور في نماذج مفتوحة المصدر وكفاءة الخوارزميات؛ فالتخفيف من تكاليف الحوسبة قد يشجع على استخدام أوسع ويزيد الضغط على الكهرباء. وتتطلب زيادة استهلاك الكهرباء اعتماد مصادر الطاقة المتنوعة، لا سيما الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي، مع تعزيز النووية وتكنولوجيات التخزين والشبكات الذكية، لضمان استدامة الإمداد. وتبرز الأطر الدولية أن اعتماد الذكاء الاصطناعي في إدارة الشبكات وتوقع الطلب وتنويع مصادر الإمداد قد يعزز مرونة النظام الكهربائي ويساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.


