تصدر منظمة الكوميسا تقرير الاستثمار المباشر لعام 2025 ليتيح فهمًا أوضح لتطورات الاستثمار داخل الإقليم. ويأتي التقرير في إطار تعاون مع الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، ويصدر على هامش الاجتماع السنوي للمجلس الوزاري لدول التجمع المنعقدة في زامبيا بمشاركة 18 دولة ومؤسسات دولية وإقليمية. كما يبرز التقرير دور COMESA RIA والجهات المعنية في إعداد النتائج والتوصيات تمهيدًا لتنفيذها.

أبرز النتائج والاتجاهات 2024

شهدت التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة في الكوميسا ارتفاعًا قياسيًا خلال 2024، حيث ارتفعت بنسبة 154% لتصل إلى 65 مليار دولار، بقيادة مشروع رأس الحكمـة في مصر. وحتى عند استثناء رأس الحكمـة، سجلت التدفقات نموًا قدره 16%، وهو ما يعكس تحسن الثقة في أنشطة الإقليم. وارتفعت حصة الكوميسا من الاستثمار العالمي من 2% إلى 4%، كما ارتفعت حصتها من التدفقات من الدول النامية من 3% إلى 7%، وتمثل 67% من إجمالي التدفقات الإفريقية.

تمويل ومشروعات IPF ونطاقها

سجل تمويل المشروعات الدولية IPF قفزة كبيرة تقريبًا ليصل إلى 79 مليار دولار بنمو يقارب 93%، وهو ما يمثل أربعة أخماس قيمة المشروعات الممولة في إفريقيا. هذا النمو ناجم عن توسع ملحوظ في مشروعات الطاقة المتجددة وشبكات الكهرباء والبنية التحتية الكبرى في مصر وتونس ورواندا ومالاوي. وفي الوقت نفسه حافظت مشروعات Greenfield على مكانتها، فأعلنت مشروعات بقيمة 77 مليار دولار خلال 2024، وهو ثاني أعلى مستوى تاريخيًا للكوميسا. استحوذت دول التجمع على ثلثي إجمالي قيمة مشروعات Greenfield في إفريقيا، ما يؤكد مكانتها كوجهة رئيسية للمشروعات الجديدة.

تركّز التدفقات والاستثمار البيني

على الرغم من ذلك، يظل توزيع التدفقات مركّزًا بشدة، حيث استحوذت خمس دول فقط هي مصر وإثيوبيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية وكينيا على 90% من التدفقات الوافدة. كما ظل الاستثمار البيني داخل الكوميسا محدودًا، إذ لم يتجاوز 3% من عدد مشروعات Greenfield و6% من قيمتها. وتوضح البيانات أن هذا القصور يعوق قدرة التجمع على تحقيق منافع تنموية متوازنة دون توسيع القاعدة الدول المستفيدة. وتبرز الحاجة إلى إجراءات لتعميق التكامل الإقليمي وتوسيع قاعدة الدول المستفيدة.

تباينات القطاعات وأهداف التنمية

أظهر قطاع البناء نموًا قويًا بلغ خمسة أضعاف، مدفوعًا بتوسع في مصر، كما ارتفعت استثمارات المعادن الأساسية بنسبة 71%. وظل قطاع الطاقة والغاز في موقعه كأكبر قطاع من حيث الحجم بنمو 22%. وفي المقابل، تراجع قطاع الاستخراج بنسبة 61% بعد عامين من الأداء القوي، كما انخفض الاستثمار في التكنولوجيا والاتصالات بنسبة 55%. وعند رصد استثمارات مرتبطة بأهداف التنمية المستدامة، سجلت الطاقة المتجددة نموًا بنسبة 67%، وارتفعت استثمارات الصحة والتعليم بنسبة 130%، بينما تراجع الاستثمار في الغذاء والمياه والصرف الصحي والبنية الأساسية بنسبة متفاوتة رغم ارتفاع التمويل الدولي للنقل.

أولويات النمو المستدام داخل الكوميسا

حدد التقرير خمس أولويات لضمان استدامة النمو الاستثماري داخل الكوميسا. وتشمل توسيع قاعدة الدول المستفيدة، ودعم التصنيع وزيادة القيمة المضافة، وتسريع تطوير البنية الرقمية لسد فجوة الاستثمار في ICT. ثم يركّز على تعزيز رأس المال البشري عبر أدوات تمويل مبتكرة وتحسين جودة البيانات لدعم قرارات أكثر دقة. ويؤكد التقرير ضرورة ربط هذه الأولويات بإصلاحات تشريعية وتنظيمية وتحديث الإحصاءات الاستثمارية.

ردود الفعل والآفاق

رحب الدكتور محمد قدح، الأمين العام المساعد للبرامج، بنتائج التقرير مؤكدًا أن ارتفاع التدفقات يعكس ثقة العالم في اقتصاديات الكوميسا.وأشار ريتشارد بولوين من UNCTAD إلى أن العام كان استثنائيًا رغم التباطؤ العالمي، ودعا إلى توسيع قاعدة المستثمرين وتطوير البنية الرقمية وتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة. وتؤكد هبة سلامة، الرئيس التنفيذي لوكالة الاستثمار COMESA RIA، أن التقرير أداة استراتيجية لتعزيز التنافسية وتقديم رؤى عملية لجذب استثمارات مستدامة ذات جودة أعلى.

شاركها.
اترك تعليقاً