يؤكد الأزهر العالمي للفتوى أن الإسلام أقام منظومة عدل قائمة على قواعد ثابتة تحفظ الحقوق وتُصان كرامة الإنسان، وتنهى عن كل ما يهين أو يظلم أو يعرضه للضرر. كما يحظر أي وسيلة تُسهم في إذلال الناس أو التلاعب بمصائرهم. ومن أبرز هذه الوسائل ما يسمى بالبشعة، وهي ممارسة قائمة على الإكراه والإذلال وليست لها صلة بالقضاء أو بالبينة الشرعية، بل هي من بقايا الجاهلية التي جاء الإسلام لإبطالها.
مفهوم البشعة وخطرها
توضح البشعة أشكالاً من التعذيب البدني والنفسي، منها الإذلال والتخويف والتعذيب بالنار. وتؤكد التعاليم أن العذاب بالنار ليس من شأن البشر وهو أمر يُنهى عنه كوسيلة للضغط على الناس. كما تتضمن هذه الممارسة أثراً نفسيّاً واجتماعياً يلازم الشخص حتى لو ثبتت براءته لاحقاً، ما يفرض تبعات واسعة على حياته وسمعته.
أطر الإثبات والعدالة
لا يجوز الاعتماد على هذه الممارسة للتحاكم أو الضغط على أحد، بل يجب أن يكون الفصل في النزاعات من خلال القضاء المختص وبالبينة والإجراءات العادلة. كما تؤكد النصوص الصحيحة أن البينة هي المرجع في الإثبات، واليمين تكون على من يُدعى عليه. وتبيّن الطرق الشرعية للإثبات أنها محدودة ومضبوطة، بينما تُعد البشعة جريمة إنسانية تتجاوز حدود الشرع.
موقف الشرع من النشر
تحرم الشريعة نشر المقاطع أو الصور أو الأخبار المرتبطة بالبشعة لأنها تُحيي وجدان الجاهلية وتؤدي إلى الفتنة وتضر بكرامة الإنسان وتشوّه الوعي العام. كما تؤكد على صيانة حقوق الناس وكرامتهم وضرورة إحالة كل خلاف إلى القضاء وتطبيق الإجراءات الشرعية العادلة بعيداً عن الترهيب والابتزاز. وتدعو إلى حفظ المجتمع من آثار هذه الممارسات والالتزام بخيارات القانون وتوجيهات الشرع في الفصل بين الخصومات.


