يُعد صداع الجانب الأيسر لغزًا صحيًا يهم كثيرين. غالبًا ما يُرتبط في أذهان الناس بالصداع النصفي فحسب، بينما تؤكد الأبحاث الحديثة وجود مجموعة من الأسباب غير المعتادة التي تفسر الألم المحدود في جهة واحدة. يساعد فهم طبيعة الألم وموقعه على التمييز بين الحالات الخفيفة والحالات التي تتطلب تدخلاً عاجلًا.
أسباب محتملة لصداع جهة اليسار
التهاب الشريان الصدغي
يُعد التهاب الشريان الصدغي من الأسباب الأقل شيوعًا ولكنه الأكثر خطورة، فهو التهاب في الأوعية القريبة من الصدغ ويظهر غالبًا بعد الخمسين. يشعر المصاب بألم نابض في جانب الرأس يزداد عند المضغ أو لمس فروة الرأس. يُطلب تشخيص فوري عبر فحص دم وموجات فوق صوتية، ويتضمن العلاج عادة استعمال الكورتيزون لتقليل الالتهاب وحماية الرؤية من التلف المؤقت.
اضطرابات مفصل الفك
يُظهر اضطراب المفصل الفكي الصدغي كأحد الأسباب الشائعة للألم في جانب واحد من الرأس، وهو ناجم عن توتر عضلات الفك أو صرير الأسنان أثناء النوم. يؤدي التوتر إلى ضغط يمتد إلى الصدغ والعين. تعتبر كمادات دافئة وتمارين استرخاء العضلات خيارات أولية، ويُنصح بزيارة طبيب الأسنان في حال استمرار الألم لتصحيح وضع المفصل أو استخدام واقٍ ليلي.
ارتفاع ضغط العين المفاجئ (الجلوكوما)
قد يظهر الصداع في الجهة اليسرى مع زغللة واحمرار في العين في حالة ارتفاع حاد لضغط العين، وهو ما يعرف بالجلوكوما الحاد. هذه الحالة تستدعي تدخلاً طبياً عاجلاً. يتضمن العلاج عادة قطرات لتقليل الضغط داخل العين أو تدخل جراحي بسيط لإعادة توازن تصريف السوائل.
التهابات الجيوب الأنفية الأحادية
قد يسبب التهاب جيوب أحادية صداعاً موضّعاً في جانب الرأس، خاصة مع انسداد الأنف والشعور بالامتلاء حول العين اليسرى. الراحة وشرب السوائل الدافئة وغسل الأنف بالمحلول الملحي تساعد على التحسن. لكن إذا استمر الألم لأكثر من أسبوع مع ارتفاع الحرارة، قد يصف الطبيب مضادًا حيويًا مناسبًا.
التهابات الأذن الداخلية أو الوسطى
عندما يحدث التهاب في الأذن اليسرى، ينتقل الألم عبر الأعصاب إلى الرأس نفسه مسبباً صداعاً حاداً، وأحياناً دوار أو فقدان التوازن. يتطلب العلاج عادة مضادات حيوية أو قطرات موضعية، إضافةً إلى الراحة وتجنب التعرض للماء. تعتمد خطة العلاج الدقيقة على نوع الالتهاب وتقييم الطبيب.
تمدد الأوعية الدموية الدماغية
يُعد تمدد الأوعية الدموية أو تسربها في جانب الدماغ من أخطر الأسباب التي تستدعي الانتباه، ويصف المصابون الصداع بأنه «أسوأ ألم في حياتهم» ويأتي فجأة مع غثيان أو تصلّب في الرقبة أو اضطراب في الوعي. يجب نقل المريِض إلى قسم الطوارئ لإجراء تصوير وعائي في الدماغ، ويكون العلاج غالبًا جراحيًا لإغلاق التمدد قبل أن ينفجر وينتج نزيفًا دماغيًا. تعتبر هذه الحالة طارئة وتحتاج متابعة عاجلة كأولوية عالية.
العدوى السنيّة الخفية
قد لا يخطر على بال أحد أن خراجًا صغيرًا في أحد ضروس الفك الأيسر يمكن أن يسبب صداعاً مستمراً في الجهة نفسها. يزداد الألم عند المضغ أو تناول المشروبات الباردة، وقد يمتد خلف الأذن أو مقدمة الرأس. يعالج عادة بتنظيف العصب وتناول المضاد الحيوي المناسب وفقاً لتشخيص طبيب الأسنان.
الشّد العضلي والإجهاد العصبي
في بعض الحالات يكون السبب بسيطًا ولكنه مزمن؛ فالتوتر اليومي وقلة النوم والجلوس الطويل أمام الشاشات قد يؤدي إلى انقباض عضلات الرقبة والكتفين، ما يعكس صداعًا أحادي الجانب. يمكن أن يسهم التدليك في تخفيف الألم، كما يساعد تنظيم النوم وممارسة تمارين بسيطة لعضلات الرقبة في تقليل الأعراض. يفضل تعزيز الوضع الصحي العام لتخفيف التوتر وتحسين النوم لتجنب تكرار الألم.
متى يجب التوجه للطبيب فورًا؟
ينصح الأطباء بعدم تجاهل صداع جديد في جانب واحد من الرأس خصوصاً إذا ترافق مع ضعف في الأطراف أو اضطراب في الكلام أو فقدان مؤقت للرؤية. هذه العلامات قد تشير إلى جلطة دماغية أو التهاب في الأوعية الدموية، وتستلزم تقييمًا عاجلًا بالتصوير والتحاليل. في حال وجود أي من هذه المؤشرات يجب التواصل مع الرعاية الطبية بسرعة لإجراء التقييم اللازم واتخاذ الإجراءات المناسبة.


