يتكرر لدى كثيرين شعور مزعج في منطقة الصدر بعد تناول وجبة دسمة. يصف البعض الألم بأنه حرقان يمتد من أعلى المعدة إلى منتصف الصدر، بينما يراه آخرون كضغط خانق أو وخز يثير القلق. قد يكون هذا العرض ناجمًا عن اضطرابات في الجهاز الهضمي أكثر من ارتباطه بالقلب. وتظهر الأعراض عادةً بعد الأكل وتختفي مع الوقت أو مع تغيّر نمط الغذاء.

الأسباب الشائعة

الأكثر شيوعًا أن يكون السبب ارتجاع الحمض من المعدة إلى المريء نتيجة ضعف الصمام الفاصل بينهما. يسبب هذا الارتداد شعورًا بالحرقة خلف عظمة القص قد يمتد إلى الحلق أو الفك. يظهر الألم عادةً بعد وجبات ثقيلة أو دهنية أو حارة، ويزداد عند الاستلقاء بعد الأكل. وتشير الأبحاث إلى أن مصابي الارتجاع المزمن يعانون غالبًا من سعال جاف وبحة صوت وطعم مر في الفم.

قد تساهم حصوات المرارة في إحداث ألم يمتد من الجانب الأيمن للبطن إلى منتصف الصدر أو الكتف، ويظهر غالبًا بعد تناول وجبة دسمة بالدهون. أحيانًا يوصف الألم بأنه مبرح أو تشنجي ويخف مع الرعاية الطبية. أما تشنجات المريء فهي تقلصات عضلية غير طبيعية في جدار المريء قد تخلق ألمًا ضاغطًا يشبه الذبحة. تأتي هذه التشنجات نتيجة اضطراب حركة الطعام داخل المريء، وتساعد مرخيات العضلات وتعديل نمط الحياة في تخفيفها.

قد تكون القرحة الهضمية سببًا محتملًا لألم الصدر بعد الأكل، إذ تهيّج بطانة المعدة أو الإثني عشر ويمكن أن ينتشر الألم إلى أعلى الصدر. يزيد الألم عادةً مع تناول أطعمة حارة أو حامضة أو عند الجوع الطويل. كما يمكن للغازات المحتبسة أن تضغط على الحجاب الحاجز وتثير إحساسًا بالألم العلوي في الصدر. إن تكرر هذه الأعراض يجعل المتابعة الطبية أمرًا مناسبًا لتحديد السبب بدقة.

متى يصبح الألم علامة خطر؟

على الرغم من أن معظم آلام الصدر بعد الأكل ليست قلبية، يجب الانتباه إلى علامات تحذيرية تستدعي التدخل الفوري. يشمل ذلك الألم الحاد المستمر الذي يمتد إلى الذراع أو الفك أو الرقبة مع ضيق التنفس أو تعرّق شديد. هذه الإشارات قد تشير إلى نوبة قلبية فيجب التوجه إلى قسم الطوارئ فورًا. إذا استمر الألم لفترة طويلة أو كان مصحوبًا بغثيان متكرر أو فقدان وزن غير مبرر فهذه حالة تحتاج إلى تقييم طبي.

كيف يتم التشخيص والعلاج؟

يبدأ الطبيب بتقييم الألم عبر سؤال المريض عن موضعه وتوقيته وشدته، ثم يقرر إجراء الفحوص اللازمة. تشمل الفحوص الشائعة التحاليل الدموية والتنظير الداخلي للمعدة والمريء والتصوير بالموجات فوق الصوتية للبطن. وفي حالات اشتباه وجود مشكلة قلبية قد يُطلب تخطيط القلب وفحص الإنزيمات القلبية.

تعتمد خيارات العلاج على السبب المحدد للألم. في حالات الارتجاع الحمضي تُستخدم أدوية تقلل إفراز الحمض مثل مثبطات مضخة البروتون أو مضادات الحموضة. أما وجود حصوات المرارة فغالبًا ما يُنظر في إزالة الحصوات جراحةً أو دوائيًا إذا تكررت النوبات. وبالنسبة لتشنجات المريء، يعالج عادةً بمرخيات العضلات وتعديل نمط الحياة لتقليل التوتر.

الوقاية ونصائح عملية

الوقاية تبدأ من المائدة، فالتقليل من الأطعمة الحارة والمقلية والتوقف عن التدخين والحرص على شرب الماء بكميات مناسبة يقلل من تكرار الأعراض. ينبغي الجلوس بشكل مستقيم بعد كل وجبة بنصف ساعة على الأقل وتجنب الاستلقاء المبكر بعد الأكل. يمكن للمشي الخفيف وتمارين التنفس أن يساهم في تهدئة الجهاز الهضمي وتقليل الغازات.

لمن يعانون من ارتجاع مزمن يُنصح برفع رأس السرير أثناء النوم ومراجعة الطبيب بانتظام لمتابعة الحالة. كما أن اتباع نظام غذائي متوازن يحافظ على وزن صحي ويقلل من المهيّجات قد يمنع النوبات. تبقى الوقاية جزءًا أساسيًا من العلاج وتتحقق بشكل أفضل ضمن خطة طبيّة متكاملة مع الطبيب.

شاركها.
اترك تعليقاً