يتغير الفيروس باستمرار نتيجة طفرات جينية قد تطرأ على مادته الوراثية. يهدف علماء الفيروسات إلى متابعة هذه التطورات لأنها قد تؤدي إلى ظهور تحورات جديدة تشكل تهديداً محتملاً للبشر. تُجرى متابعة تطور الجينوم الفيروسي عبر تسلسلات جينية واسعة مأخوذة من أشخاص مرضى حول العالم. عند دخول الفيروس إلى خلية مضيفة، يبدأ في نسخ مادته الوراثية لاستنساخ نفسه، وتؤدي هذه العملية إلى ظهور تغيّرات جينية قد تكون جديدة كلياً أو قد تكون موجودة من قبل ضمن سلالات سابقة.
ما هي الطفرة الفيروسية
تحدث الطفرة الفيروسية عندما يحصل تغير في المادة الوراثية، سواء الحمض النووي أو الحمض النووي الريبوزي. قد تكون الطفرة جديدة تماماً، أو تكون موجودة من قبل ضمن سلالات سابقة. ومن الطبيعي أن تتغير الكائنات الحية وتتكيف مع الظروف، وهذا يشمل الفيروسات. في فيروس كورونا المستجد (SARS-CoV-2) لم تكن الطفرات أمرًا جديداً، لكنها أدت إلى ظهور تحورات مثيرة نتيجة تغيّرات في بروتين سبايك الذي يلتصق بالخلايا البشرية.
تتبع الطفرات الفيروسية ليست كل التحورات موضع قلق مباشر للصحة العامة، فقد لا تؤدي إلى زيادة شدة المرض أو معدل الانتقال. كما قد تكون بعض الطفرات ضارة بالممرض نفسه، ومع ذلك يستمر الخبراء في متابعة هذه الفيروسات إلى جانب تحورات أخرى نظرًا لاحتمالية تغير وضعها عند تحور الفيروس مرة أخرى. ويتم رصد هذه الطفرات عبر تسلسلات جينية واسعة النطاق للجينومات الفيروسية المعزولة من مرضى في العالم.
أمثلة على تحورات كورونا
متحور دلتا
ظهر متحوّر دلتا في الهند، ثم أُعيدت تسميته لتجنب الإيحاء بأن ارتباطه بمكان بعينه. يحمل المتحوّر طفرات مهمة مثل L452R قد تعزز من معدل الانتقال. صُنف من قبل منظمة الصحة العالمية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها كمتحوّر يشير إلى زيادة الانتقالية مقارنة بمتحورات أخرى. من المتوقع أن يصيب عددًا أكبر من الأشخاص مقارنةً بمتحورات أخرى.
متحور ألفا
تم اكتشاف متحوّر ألفا لأول مرة في المملكة المتحدة ثم انتشر إلى أكثر من 50 دولة. يعزز هذا المتحوّر سرعة الانتقال مقارنةً بالسلالات السابقة. وتُلاحظ وجود طفرة N501Y المرتبطة بزيادة قدرة الفيروس على إصابة الخلايا والانتشار.
متحور بيتا
تم رصد متحوّر بيتا لأول مرة في جنوب إفريقيا، ثم ظهر في دول أخرى عديدة. يحوي هذا المتحوّر طفرات مثل E484K وN501Y، وقد تسهم في بعض حالات التهرب من المناعة المحيطة بالجسم. يمثل هذا التحور عنصر متابعة مستمر بسبب تأثيره المحتمل على الاستجابة المناعية.
متحور جاما
تم رصد متحوّر جاما لأول مرة في البرازيل قبل أن يظهر في دول أخرى، وهو يشارك في وجود طفرات مشتركة مع أمثلة أخرى من حيث تأثيرها على الانتقالية. تتواجد في جاما وفي أماكن أخرى طفرات N501Y وE484K بشكل يثير الاهتمام العلمي بتأثيرها على القدرة على إصابة الخلايا وانتشار الفيروس. يساهم الجمع بين هذه الطفرات في صعوبة استدراك المناعة في بعض الحالات.
بشكل عام، تعتبر الطفرات جزءاً طبيعياً من التطور الفيروسي ولا يمكن لأي علاج أو لقاح أن يمنع حدوثها تماماً. تبقى عمليات الرصد المستمر وتحديث الاستجابة الطبية ضرورة لمواجهة تأثير التحورات المحتملة على الصحة العامة. تؤكد المتابعة العلمية أن فهم هذه التغيرات يساعد في تحسين الوقاية والعلاج معاً وتكييفها وفق الوضع الراهن.


