تُشير التحليلات الدولية إلى أن معدل الانتشار الحقيقي لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لم يتغير بشكل كبير خلال العقود الأخيرة. 5–8% من الأطفال يعانون من ADHD، و3–5% من البالغين يستوفون المعايير التشخيصية. ورغم ثبات نسب المرض، ارتفعت معدلات التشخيص بشكل واضح نتيجة لارتفاع مستوى الوعي والفحص وتقييم الحالات وتحديث المعايير. وهذا التطور يعكس تحسن الإجراءات وتقبّل المجتمع للعلاج.
أسباب ارتفاع التشخيص
تعلن الدراسات أن ارتفاع مستوى الوعي المجتمعي والصحي أسهم في زيادة الإحالات والتقييم لدى الأطفال والبالغين. أصبح المعالجون والمعلمون وأولياء الأمور أكثر إدراكاً لأعراض ADHD، وهذا ما أدى إلى أن يحصل من عانوا في صمت على التقييم والدعم المناسبين. هذه الزيادة في الوعي دفعت بأن تكون عمليات التقييم أكثر شمولاً وأن يتم إدراج حالات جديدة في برامج العلاج. وبالتالي ارتفع عدد الحالات المشخّصة مع بقاء الانتشار العالمي ثابتاً تقريباً.
توضح المعايير التشخيصية الحديثة أنها تشهد توسعاً وتحديثاً لتشمل أنماط عرض متنوعة عبر الأعمار والفئات. مع تحديث الأدلة الإكلينيكية، أصبحت المعايير أكثر شمولاً ودقة في رصد الحالات، بما في ذلك النمط المتعلق بنقص الانتباه والتشتت وصعوبات التنظيم. وهذا التوسع بالمعايير أدى إلى اكتشاف حالات لم تكن تعرف سابقاً وتزايدت الإحالات للعلاج. بالتالي أصبحت قدرة النظام الصحي على رصد ADHD أقوى من السابق.
تراجع الوصمة الاجتماعية المرتبطة بـ ADHD جعل المجتمع يدرك أنه اضطراب نمائي عصبي وليس عيباً شخصياً. أصبح تعريف الاضطراب أكثر قبولاً وتفهماً، ما شجع عدداً أكبر من الأفراد على طلب المساعدة والخضوع للتقييم الطبي والنفسي. كما أن وجود معلومات كافية حول العلاقة بين أعراض ADHD والتشخيص جعل العائلات والمدارس أكثر ارتياحاً لدعم المتعلمين. وبناءً على ذلك ارتفع قبول المجتمع للعلاج وتزايدت الإحالات للعناية المتخصصة.
تغير نمط الحياة الحديثة فرض ضغوطاً معرفية متزايدة، مع مهام متعددة وضوضاء رقمية مستمرة ومتطلبات أكاديمية ومهنية عالية. هذه البيئة تُظهر أعراض ADHD بشكل أوضح وتدفع الكثيرين إلى طلب التقييم والعلاج. كما أن التقدم في البرامج العلاجية والتعليمية يساعد الأطفال والبالغين على تحقيق نجاح دراسي ومهني أفضل عندما يحصلون على دعم مبكر ومناسب. ونتيجة ذلك، تتحسن النتائج الوظيفية والسلوكية مع ضبط الاستراتيجيات العلاجية.
ماذا يعني ذلك للمستقبل؟
يؤكد الخبراء أن ارتفاع معدلات التشخيص ليس علامة على تفشٍ للاضطراب، بل يعكس رؤية أوسع وتقييماً أدق وتقبلاً أوسع للعلاج. فالتشخيص الأكثر دقة يتيح تقديم دعم مبكر ومخصص للأطفال والبالغين، مما يسهم في تحسين التحصيل الدراسي والتأثير المهني وتقليل المشكلات السلوكية أو النفسية لاحقاً. ومع ذلك يظل التحدي في ضمان أن تكون التشخيصات مناسبة وغير مبالغ فيها، وتجنب تحويل السلوكيات الطبيعية إلى حالات مرضية. كما ينبغي توفير برامج علاج فردية تأخذ في الاعتبار الفروق الفردية بين الأشخاص.


