تعلن النشرة الصادرة عن اتحاد شركات التأمين أن التقنيات المدارة بالذكاء الاصطناعي تشكل قوة تحويلية رئيسية في قطاع التأمين، وتؤثر في جميع مراحل العمل من الاكتتاب وإدارة المطالبات إلى كشف الاحتيال وخدمة العملاء. وتفيد بأن هذه الأدوات تعزز الكفاءة والدقة وتتيح فرصاً للابتكار عبر الدمج مع العمليات التشغيلية. كما توضح أن الدمج يساهم في استقرار مالي وتحسين حماية الأفراد، مع وجود مخاطر أخلاقية تتعلق بالعدالة والشفافية والمساءلة والخصوصية. وتؤكد في الوقت نفسه أن الحوكمة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي يجب أن تكون جزءاً من استراتيجية القطاع لضمان الاستخدام المسؤول.

التحديات الأخلاقية

يبرز التحيّز الخوارزمي كأحد أبرز التحديات، حيث قد تعيد أنظمة الذكاء الاصطناعي إنتاج التحيزات الموجودة في البيانات المستخدمة لتدريبها. وقد يؤدي ذلك إلى فرض أقساط أعلى على فئات معينة أو رفض تغطية أو تفضيل عملاء من شرائح ذات بيانات غنية، وهو ما يخل بمبدأ العدالة في الحصول على الحماية التأمينية. ولذا يصبح من الضروري أن تضع الشركات ضوابط حوكمة تقيّم أثر الخوارزميات وتراجع نتائجها بشكل دوري. كما تبرز الحاجة إلى شفافية كافية تسمح للعملاء بفهم طريقة الوصول إلى القرارات وتبريرها، بعيداً عن أسباب غير مفسرة قد تضعف الثقة وتثير مخاوف قانونية في عدة دول.

تُعالج قضية الخصوصية ضمن إطار حماية البيانات الشخصية التي تعتمدها نماذج الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك البيانات السلوكية والمالية والبيومترية. وتطرح الأسئلة حول جمع البيانات دون موافقة واضحة أو غموض في كيفية استخدامها، إضافة إلى التحديات الناتجة عن الاعتماد على مصادر بيانات غير تقليدية مثل وسائل التواصل الاجتماعي أو الأجهزة المتصلة. وتؤكد النشرة ضرورة وجود ضوابط صريحة للموافقة وتحديد صلاحيات الوصول وتشفير البيانات وتقييم المخاطر المرتبطة بها لضمان حماية الخصوصية. وتتضمن هذه النقاشات كذلك مسألة مشاركة البيانات مع أطراف ثالثة والتزام الشركات بالمعايير القانونية والأخلاقية.

كما تُبرز الفروقات بين التشغيل الآلي والإشراف البشري، حيث يقل الاعتماد على التدخل البشري في بعض القرارات، ما قد يضعف قدرات التعاطف والمسؤولية عند معالجة المطالبات. وتثير مع ذلك أسئلة حول وجود آليات تسمح بالتدخل اليدوي في الحالات غير العادلة أو المعقدة، وتقرير المساءلة عند حدوث خطأ من جهة الآلات. وتؤكد أن القرارات التأمينية غالباً تتطلب فهماً إنسانياً دقيقاً، وهو عنصر لا تستطيع الأنظمة الآلية محاكاته بالكامل بشكل مستقل. وفي هذه السياقات، تبرز ضرورة وجود إشراف بشري ملائم يضمن التوازن بين الكفاءة والإنسانية في العمل.

وتشير النشرة إلى أن الأمن السيبراني يعد عنصراً حيوياً، فقد تتعرض نماذج الذكاء الاصطناعي لهجمات تلاعب أو اختراق بيانات التدريب. وهذا قد يؤدي إلى فقدان الثقة وتعرّض المستخدمين لخطر حقيقي، ما يجعل من الضروري اعتماد إجراءات حماية محكمة وتحديث مستمر للبنى التكنولوجية وآليات التحقق. كما يتطلب الأمر وجود خطط استعادة عاجلة وإجراءات للمساءلة وتقييم المخاطر بشكل دوري للحفاظ على سلامة الأنظمة وموثوقيتها في الأسواق.

وتتناول فقرة حول الاستخدام الأخلاقي للتحليلات التنبؤية أسئلة حول عدالة التسعير بناءً على سلوك مستقبلي متوقع واحتمالات خلق تعقيدات تؤدي إلى حظر تأمين الأشخاص الذين يظهرون مخاطر عالية مستقبلاً. وتؤكد أن الموازنة بين تسعير قائم على المخاطر وبين العدالة الاجتماعية تبقى من أبرز التحديات الأخلاقية. وتدعو الأطر الأخلاقية إلى وضع حدود واضحة للممارسات الرقمية تسمح بالابتكار المسؤول دون المساس بحقوق الأفراد.

فوائد الذكاء الاصطناعي الأخلاقي

لا يعتبر الالتزام بالأخلاقيات عبئاً تنظيمياً فحسب، بل يمثل ميزة تنافسية حقيقية للشركات التي تعتمد ممارسات مسؤولة للذكاء الاصطناعي. ففي هذه الشركات يزداد مستوى ثقة العملاء وتكتسب العلامة التجارية سمعة أقوى وتقل المخاطر التنظيمية والقانونية، كما تتحسن جودة نماذج الذكاء الاصطناعي وتصبح الأسواق التأمينية أكثر شمولية واستدامة. وتدعم الأطر الأخلاقية أيضاً الإبداع من خلال وضع حدود واضحة تسمح للذكاء الاصطناعي بالعمل ضمن إطار آمن ومتزن.

وبالإضافة إلى ذلك، تُمكّن المقاربة الأخلاقية من بناء منظومة حوكمة تشجع على الابتكار المسؤول وتفتح فرص جديدة للوصول إلى تغطية أوسع مع الحفاظ على مبادئ العدالة والخصوصية. كما تساهم في تعزيز الثقة الاجتماعية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتقلل من مخاطر التنظيمية، ما يتيح لقطاع التأمين أن يقدّم خدمات أكثر كفاءة وجودة وبشكل مستدام. وتؤكد هذه المبادئ أهمية وجود سياسات شفافة وتوجيهات واضحة تسمح للشركات بالاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي دون الانتقاص من حقوق الأفراد أو سلامتهم.

شاركها.
اترك تعليقاً