تشير دراسة مشتركة من معهد كارولينسكا في السويد وجامعة أوريغون للصحة والعلوم في الولايات المتحدة إلى أن الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي بين الأطفال قد يؤثر في قدرتهم على التركيز. وتربط النتائج بين الاستخدام الطويل لهذه المنصات وارتفاع أعراض نقص الانتباه لدى فئة من الأطفال، مع الإشارة إلى أن التأثير قد يظهر على مستوى السكان بشكل عام. وتؤكد الدراسة أن التأثير قد يكون صغيراً على المستوى الفردي، لكن ارتفاعه على مستوى المجتمع قد يكون له انعكاسات صحية مهمة. ولا تعتبر النتائج دليلاً على أن جميع الأطفال الذين يستخدمون وسائل التواصل يعانون من مشاكل في التركيز.
نطاق استخدام الوسائط والأنماط السلوكية
ووجدت الدراسة أن الأطفال يقضون في المتوسط 2.3 ساعة يومياً في مشاهدة التلفزيون أو مقاطع الفيديو عبر الإنترنت، و1.4 ساعة على وسائل التواصل الاجتماعي، و1.5 ساعة في لعب ألعاب الفيديو. وشملت المتابعة أكثر من 8300 طفل تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عاماً في الولايات المتحدة، مع رصد زيادة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من نحو 30 دقيقة يومياً عند سن التاسعة إلى نحو ساعتين ونصف يومياً بحلول سن 13 عاماً، وذلك بين عامي 2016 و2018. وتوضح النتائج أن هذه الأنماط قد تكون مرتبطة بارتفاع أعراض نقص الانتباه مع الاستخدام الطويل للمنصات الاجتماعية.
العلاقة مع ADHD وتفسيراتها
ووجدت الدراسة أن الارتباط باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لا يتأثر بالخلفية الاجتماعية والاقتصادية أو الاستعداد الوراثي للإصابة به. وأضاف العلماء أن زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد تفسر جزئياً زيادة تشخيص ADHD، فيما ارتفع معدل انتشاره بين الأطفال من 9.5% بين عامي 2003 و2007 إلى 11.3% بين 2020 و2022 وفقاً لمسح صحة الأطفال الوطني. ولم تُظهر النتائج أن جميع الأطفال الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي سيكونون عرضة لهذه الاضطرابات، وإنما تحذر من وجود اتجاهات على مستوى السكان.
آليات التشتت وآثارها على الانتباه
ذكر باحثون أن وسائل التواصل الاجتماعي تتضمن تشتيتاً مستمراً في شكل رسائل وإشعارات، وأن مجرد التفكير في وصول رسالة قد يعمل على تشتيت الانتباه ويؤثر في القدرة على التركيز. كما أشاروا إلى أن التأثير قد يفسر جزءاً من الارتباط بين الاستخدام الطويل وارتفاع أعراض نقص الانتباه، خاصة مع زيادة الاعتماد على هذه المنصات مع مرور العمر.
خلاصة وتوصيات الباحثين
قال سامسون نيفينز، أحد مؤلفي الدراسة: نأمل أن تُساعد النتائج الآباء وصناع السياسات على اتخاذ قرارات مبنية على استهلاك رقمي صحي يدعم التطور المعرفي للأطفال. وتؤكد الدراسة أن النتائج لا تعني حتمية وجود مشاكل عند جميع الأطفال المستخدمين لهذه الوسائل لكنها تشدد على ضرورة متابعة أنماط الاستخدام وتوجيهها بما يخدم الصحة المعرفية للأطفال.


