أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عن أحدث توقعاته المتعلقة بالتضخم وسوق العمل والنمو الاقتصادي، مسلطاً الضوء على التحديات التي تواجه الاقتصاد الأميركي. يأتي هذا الإعلان في وقت حساس، بعد القرار الأخير بخفض أسعار الفائدة، ووسط انقسامات بين أعضائه حول مسار السياسة النقدية المستقبلي. تؤكد المؤشرات حرص البنك المركزي على تحقيق توازن بين استقرار الأسعار ودعم سوق العمل في بيئة تتسم بالضغوط الداخلية والخارجية.

التضخم وتداعيات الرسوم

قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إن ارتفاع التضخم الحالي يعود بصورة رئيسية إلى الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.

وأوضح أن هذه الرسوم رفعت تكلفة السلع للمستهلكين والشركات، مما ساهم في استمرار الضغوط السعرية. وأشار إلى أن الفيدرالي يبذل جهوداً كبيرة للحفاظ على التضخم ضمن مستويات مقبولة رغم استمرار تحديات السوق. وتوقع البنك المركزي أن ينمو مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) بنسبة 2.4% خلال عام 2026، في مسار تدريجي نحو الاعتدال، دون عودة سريعة إلى الهدف البالغ 2%. وتضيف الرؤية أن المسار مستمر نحو استقرار الأسعار مع موازنة أثر الرسوم والتقلبات العالمية. ويبرز هذا التوقع مدى حرص البنك على ترويج نمو اقتصادي معتدل من دون إشعال تفاقم التضخم.

سوق العمل وتوجيهات السياسة

أشار باول إلى أن معدلات التوظيف لا تزال منخفضة مقارنة بالسنوات السابقة، رغم تحسن بعض القطاعات.

وتتوقع التقديرات أن ترتفع معدلات البطالة إلى 4.4% في عام 2026، مما يعكس احتمال تباطؤ الطلب في السوق نتيجة السياسة النقدية المشددة التي اتبعها الفيدرالي في السنوات الأخيرة. ويؤكد هذا المؤشر الحذر الذي يمارسه البنك المركزي قبل اتخاذ أي قرارات قد تؤثر على استقرار سوق العمل.

برنامج شراء السندات الجديد

أعلن الفيدرالي عن إطلاق برنامج جديد لشراء سندات خزانة بقيمة 40 مليار دولار اعتباراً من يوم الجمعة، بهدف تعزيز السيولة ودعم الاحتياطيات الاستراتيجية.

وأوضح باول أن شراء السندات قصيرة الأجل يعكس جهود البنك المركزي لتثبيت السوق في ظل بيئة اقتصادية غير مستقرة، ودعم الاحتياطيات المالية بما يضمن استمرار قدرة النظام المالي على مواجهة الصدمات المحتملة. ويهدف البرنامج إلى توفير دعم مالي يقلل من الاختلالات في الأسواق ويعزز قدرة القطاع المصرفي على مواجهة الضغوط.

النمو الاقتصادي والتوقعات

توقع الفيدرالي أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2% خلال عام 2027، وهو معدل يعكس نموًا مستدامًا لكنه ليس بمستوى تسارع عالي.

ويأتي هذا التقدير في ظل بيئة مالية متشددة وتحديات مستمرة مرتبطة بالتضخم والرسوم الجمركية والتقلبات الاقتصادية العالمية. يؤكد البنك أن متابعة الأسواق عن كثب ضرورية لضمان استقرار الاقتصاد على المدى الطويل.

التركيز المستقبلي على البيانات

شدد الفيدرالي على أهمية متابعة البيانات الاقتصادية الرئيسية عن كثب، بما في ذلك تقارير التوظيف، والتضخم، والإنفاق الاستهلاكي، قبل اتخاذ أي خطوات جديدة في السياسة النقدية.

وأكد أن الالتزام بالبقاء على مسار دعم سوق العمل والحفاظ على استقرار الأسعار يظل أولوية، رغم التطورات العالمية والضغوط المحلية. وأوضح أن أي تغييرات مستقبلية في الفائدة أو السياسات ستتم بناءً على تحليل دقيق للبيانات.

شاركها.
اترك تعليقاً